حنين .

حنين … 
* نظمت في أواخر عام 1949.

أحِنُّ إلى شَبَحٍ يَلْمَحُ
بِعينَيَّ أطيافُه تَمْرَحُ

أرى الشَّمْسَ تُشْرِقُ من وجهِهِ
وما بينَ أثوابِه تجنح (1)

رضيِّ السّماتِ ، كأنَّ الضَّمير
على وَجْهِهِ ألِقاً يَطْفَح

كأنَّ العبيرَ بأردانهِ
على كلِّ " خاطرةٍ " يَنْفح

كأنَّ بريقَ المُنى والهنا
بعينيهِ عن كوكبٍ يقدح

كأنَّ غديراً فُويقَ الجبينِ
عن ثقةٍ في " غدٍ" يَنْضَح

كأنَّ الغُضونَ على وَجْنَتيهِ
يكنُّ بها نغمٌّ مُفرِح (2)

كأنَّ بهامتهِ منْبعَاً
من النُور ، أو جمرةً تجدح

كأنَّ "فَنَاراً" على "كاهل"
يُنارُ بهِ عالَمٌ أفسح

وآخَرَ شُدَّتْ عليه يدٌ
فلا يَسْتَبينُ ! و لا تُفْتَح !

أحنُّ إليهِ بليغَ الصُمُوت
معانيهِ عَنْ نَفْسِها تُفْصِح

تَفايَضَ منهُ كموجِ الخِضمِّ
أو لحنِ ساجعةٍ تصدَح

جَمالٌ . وليسَ كهذا الجمال !
بما بهرَجَتْ زِينةٌ يُصْلَح

كأنَّ الدُّهورَ بأطماحِها
إلى خِلقةٍ مِثْلِهِ تَطْمَح

كأنَّ الأمورَ بمقياسهِ
تُقاسُ فتؤخذُ أو تُطرح

كأنَّ الوجوهَ على ضَوئهِ
نلوحُ فتَحْسُنُ أو تَقبح

يُداعِبُني إذ تَجِدُّ الخُطوبَ
فأمْزَحُ منها كما يَمْزَح

يُشَدُّ جَناني بعَزْماتهِ
ودمعي بِبَسْماتهِ يُمْسَح

ويُبْرِدُ نَفسي بأنفاسهِ
إذا لَفَّني عاصفٌ يَلْفَح


(1)جنح يجنح جنوحاً : اقبل … ومال .
(2) الغضون : جمع غضن أو غضن ، وهو كل تجعد وتثن في جلد أو ثوب أو غيرها .

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الثالث-وزارة الاعلام العراقية/مديرية الثقافة العامة-مطبعة الأديب البغدادية 1974م