أسلت الروح في كَلِمٍ مَواتٍ
![]() فجلّى غامضٌ منها وبانا (8)
![]() وطاوعَكَ العَصيُّ من المعاني
![]() وكم غاوٍ ألحَّ به فخانا
![]() فكم من لفظةٍ عفٍّ حَصَانٍ
![]() سَحَرْتَ بلطفها العفَّ الحَصَانا (9)
![]() وأخرى برزةٍ تجلو البلايا
![]() عقدت بها مع البلوى قِرانا
![]() وسِرُّ الخلق ذِهنٌ عبقريٌّ
![]() أتى حَجَراً ففجَّره بَيانا
![]() ولم أرَ في الحَذاقةِ من شبيهٍ
![]() كحِذقِ المستعينِ بما استعانا
![]() جران " العَوْدِ " لا يُخْشى شذاه
![]() ويخشى العَودُ إنْ ألقى الجرانا (10)
![]() * * *
![]() ويا ابن الكوفةِ الحمراء وشّى
![]() بها سِمْطَ اللالئ والجُمانا (11)
![]() وعاطى رملَها من أصغريه
![]() عيونَ الشعرِ تبرقُ والحنانا (12)
![]() وأبقى فوقَها دمَهُ ليسقي
![]() هناك " بشعب بوّانٍ " حِصانا (13)
![]() فقد كرهَ الطعانَ وكان أدرى
![]() بأنك – وهو – مذبوحٌ طِعانا
![]() * * *
![]() ويا ذا الدولةِ الكبرى تعالتْ
![]() – وقد سحق البِلى دولا – كيانا
![]() بحسبك أن تهزّ الكونَ فيها
![]() فتستدعي جَنانك واللسانا
![]() وأن تُطري الشجاعة في شُجاع
![]() فتُعجِبُ – حين يُعجبك – الجَبانا
![]() وأن تَعلو بدانٍ لا يُعلَّى
![]() وأن تهوي بعالٍ لا يُدانى
![]() فماذا تبتغي ؟ أعلوَّ شأن
![]() فمن ذا كان أرفعَ منك شانا ؟
![]() أم الدنيا الغَرورَ وقد تهاوَتْ
![]() على قَدَمَيك ذُلاًّ وامتهانا ؟
![]() تملَّقَكَ " ابنُ عَبّادٍ " وأرخَى
![]() لك العِرْنينَ منه والعِرانا (14)
![]() وماجت أرضُه ذهباً وصاحت
![]() معاقلُه: هلمَّ إلى حمانا
![]() ونَوِّلنا نداكَ نَعِشْ عليه
![]() فأن جَدَاكَ باقٍ لا جَدانا (15)
![]() ومَنّاك " ابن صفرة " لو توافي
![]() بما يجبي العراقُ له ضمانا (16)
![]() وكان أرقّ من زُبْدٍ لِيانا
![]() وكنتَ أشدَّ من وَتِدٍ حِرانا
![]() على ضَنَكٍ وتأبى أن تُراضى
![]() بما لم تهوَه أو أن تُعانا
![]() وتعلمُ أن نفسَكَ لن توقّى
![]() عليك، وأن حرفَكَ لن يصانا
![]() ولكن فليكن نَسَبٌ قريبٌ
![]() يشد المستدين بما استدانا
![]() |
(8) جلّى: وَضَح.
(9) العف الحصان: المرأة العفيفة المحصنة.
(10) جران العود: سوط يقدّ من جران عَودٍ وهو أصلب ما يكون. والجران: باطن العنق وقيل مقدم العنق من مذبح البعير إلى منحره. وشذا الجران وشداه: حدّه.
(11) سمط اللآلئ: اللآلئ المنظومة في السلك. الجمان: اللؤلؤ.
(12) الأصغران: القلب واللسان.
(13) شعب بوّان: موضع في بلاد فارس، وفيه إشارة إلى قول المتنبي:
يقول بشعب بَوّان حصاني * أعن هذا يُسار إلى الطعان
(14) العرنين والعران: كناية عن الإباء والشمم والكبرياء. وفي ذلك إشارة إلى تضامن ” الصاحب بن عباد ” للشاعر.
(15) الجدا: العطاء.
(16) ابن صفرة: هو أبو محمد الحسن بن محمد الذي ينتهي نسبه إلى المهلب بن أبي صفرة وزير معز الدولة البويهي.