طيف تحدر … يوم الشمال .. يوم السلام .
* نظمت بمناسبة صدور بيان الحادي عشر من آذار التاريخي عام 1970 باحلال السلام في ربوع كردستان وإقرار الحقوق القومية للشعب الكردي في العراق، وفي المقدمة منها الحكم الذاتي.
* أذيعت بصورة وصوت الشاعر من محطتي تلفزيون وإذاعة الجمهورية العراقية مرات متعاقبة.
* نشرت في كراس خاص.
طيفٌ تحدّرَ من وراء حجابِ
![]() غَضِرُ الترائبِ مُثقلُ الأهدابِ (1)
![]() متفجرُ اليَنبوع يزخَرُ بالسَنا
![]() ويرُشُّ وجهَ الفجرِ بالأطياف (2)
![]() وكأنَّ ساحرةً تُرقِّصُ حوله
![]() أعطافَ أوديةٍ وهامَ روابي (3)
![]() وكأنّه مما يتيه بنفسه
![]() تِيهُ الحياة بزهوها المُنساب (4)
![]() * * *
![]() طيفٌ تحدّر سَلْسَلاً ومظِنَّتي
![]() أنَّ الطيوفَ تعِنُّ لمحَ سراب (5)
![]() حلَمت به سودُ الليالي حِقبةً
![]() هي شرُّ ما زَرَعَت يد الأحقاب
![]() ثقلُ الرصاصِ وئيُدها، ووجيفُها
![]() بِشُواظ نارٍ، أو بسوط عذاب (6)
![]() حلَمت به … وأبى عليها مثلَما
![]() حلم المشيبُ برجعةٍ لشباب
![]() حتى إذا بلَغَ المدى أشواطَه
![]() ملآنَ من رَهَقٍ ومن أوصاب (7)
![]() وتسابقت فيه المنايا رُكَّضاً
![]() كتراكض الأفراس يومَ غِلاب
![]() وتساقتِ الدمَ والدموعَ أُخوَّةٌ
![]() ألفَتْهما نَخْباً من الأنخاب
![]() وتراجفت زُهرُ النجوم لهُولةٍ
![]() قاني الضفائرِ، أسودِ الجِلباب (8)
![]() إنسٌ كأنَّ الوحشَ ألقى نحوَه
![]() ما شاءَ من ظُفُرٍ لديه وناب
![]() متمزِّقٌ بيَدَيه يأكلُ لحمَه
![]() ويعافُ فضلةَ زادِه للغاب
![]() حتى إذا اليأسُ استشاطَ مُطَوِّحاً
![]() برجاء حُمْسٍ مؤمنينَ غِضاب (9)
![]() شَدُّوا إلى قَدَرٍ هَزولٍ لاعبٍ
![]() كتلاعب الصبيانِ بالدُولاب
![]() وتَوجّسوا من كلِّ صدقٍ خِيفةً
![]() من فَرط ما صُلِبوا على كِذّاب (10)
![]() |
(1) غضر: ناعم. الترائب جمع ” تريبة ” القطعة من اعلى الصدر.
(2) الأطياب: جمع طيب.
(3) الأعطاف: جمع عطف وهو الجانب. هام الروابي: أعاليها.
(4) التيه: بالكسر: العُجب والزهو.
(5) المظنة: الظن.
(6) الوئيد: السير البطيء. الوجيف: ضرب من السير وهو السير السريع. الشواظ: قطعة من النار.
ومعنى البيتين: أن هذه الحقبة كانت لفظاعتها وكأنها تدفع وتحدى بثقل الرصاص وأزيزه أولا، فإذا حرنت فبشواظ النار، وبسوط العذاب.
(7) الرهق: العسر والضيق. الأوصاب: جمع وصب وهو المرض والعذاب.
(8) الهولة: كل ما هال الإنسان.
(9) طوح بالشيء: أسقطه. الحمس: جمع أحمس وهو الشجاع.
(10) صلبوا على كذَاب: هنا عُوّدوا على الكذب والحلف.
المصدر : ديوان الجواهري-الجزء السادس-الجمهورية العراقية-وزارة الاعلام-دار الحرية للطباعة -بغداد 1977م