رثاء شيخ الشريعة .

* أنشدت في الحفل التأبيني المقام على روح "شيخ الشريعة" في الجامع الهندي في النجف . 
* نشرت في جريدة "الإستقلال" العدد 41 في 28 كانون 1921.

أبن ما لهذا الدين ناحت منابُرهْ
وقل خفية أين استقلت عساكُرهْ 

ولِمْ شرَق الناعي بمَنعاهُ علّه
رأى شامتا يُخشى وعيناً تحاذره 

فخافِتْ فلا تُفصح بما طرق الهدى
جِهاراً وقل قد أسلم الغابَ خادره 

وشكواك فاكتُمْها وقلْ متجلداً :
زمانٌ مضت أولاهُ هذي أواخره 

وهل ينفع المفجوعَ حبسُ دُموعه
وباطنُ ما يُخفيه يُبديه ظاهره 

وقالوا : بنو الآمال تشكو من الظما
فقلت : نعم ، بحرُ الندى جف زاخره 

*            *             *

لفقدكَ أبكي باطنَ الأرض ظهُرها
فعادت سواءً دورُه ومقابره 

إذا كان وِرْدُ الموت من عمر ماجدٍ
فما عن سِوى الأمجاد تُهوى مصادره

*            *             *

أبا حسن في الصدر مني سريرةُ
سأكتُمها حتى تُبَاح سرائره 

أعدُّوك للأمر الجليل وأضْمَرتْ
خلاف الذي قد أضمروه مقادره 

ولم تُدركِ الثأر المنيمَ من العدى
فَجفنكَ لِمْ أغضى وهوم ساهره؟ 

سلام على النعش الخفيف فقد ثوت
ثقال المعالي عنده وأواصره 

أنا عِيْهِ خَّفض ، فالشريعةُ تعتزي
إلى شيخها فانظر لما أنت ذاكره 

لفقدك حَالَ الدينُ عما عهدتَه
فمسلمُه في ذمة الشرع كافره 

فلا بَلَغَ الناعي على دين أحمدٍ
مناهُ ، ولا حاقت يديه بواتره 

فلو شاء ذاك القبرُ بيَّن كم به
أمانِي نُفوسٍ قد طوتها ضمائره 

فيا لاسقتْ إلا يداه ضريحَهُ
ففيه مُسِحَّ الغيث حلَ وماطره


المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الثاني-وزارة الاعلام العراقية/مديرية الثقافة العامة-مطبعة الأديب البغدادية 1973م