يا أحباي .

يا أحباي …
* نظمت عام 1922.
* عارض بها موشحة "لسان الدين بن الخطيب الأندلسي" ..(يا زمان الوصل) :
                    جادك الغيث إذا الغيث همى
                                  يا زمان الوصل بالأندلسِ
* نشرت في "حلبة الأدب" .

يا ليالي السفح من جنب الحِمى
قابلي حَرَّ الجوى من نفسي

إن رعينا في هواكِ الذَِّمما
فَلكَمْ عندكِ عهدٌ قد نُسي

* * *

يا أحبّاي وإن حال الودادْ
وذوى غصن الصِّبا وهو رطيبْ

فلكم ما بين أضلاعي فؤاد
حظُّه منكم عذابٌ ووجيب

فسقى دمعي لاصوبَ العهاد
زمناً مرَّ ولم يدرِ الرقيب (1)

تُشهدُ الأرضُ بنا شُهب السما
فسوى الريبة لم نحترسِ

عَرِيت أشواقُنا لكنما
حاكتِ العفةُ أبهى ملبس

* * *

يا مراح العيش في "الحيرة" لا
زلتَ ضحَاكا من الغيث العميمْ (2)

كنتَ فينا للتصابي مأهلا
حيثُ صح الجو وأعتل النسيم

ان يكن روض سبابي أمحلا
فلقد يُقنعني منه الشميم

ليت ملاّكَ الهوى ما حرّما
ثمرَ اللَّهو على المغترسِ

ودرى ايَّ فؤاد إذا رمى
منه أضحى نَهزةَ المفترس

* * *

يا مواثيق عهود سلفتْ
ذكّري أحبابنا ما عاهدوا

وانشُديهم نفس حر تَلَفَت
في هواهمْ ضلّ عنها الناشد

عَرفوا كفّ النوى ما خلّفت
فيَّ لو بعض همومي كابدوا

لا ترى في الحب خَطبْاً مثلما
مُصْعَبٌ يُعطي قيادَ المسلسِ

شيمة منها أُعيذ الكَرما
يستوي المحسنُ فيكم والمسِي

* * *

لي فؤاد فيكُمُ إن سُعِّرا
بلظى الشوق يَقُلْ :هل من مزيدْ

أفمِن أجل حديث مفترى
يؤخذُ المغدور بالحكمِ العنيد

أم كذا الأحباب كانوا أم ترى
ضاعت الأخلاقُ في العصر الجديد

كيفما شئتمْ فكونوا إنما
لكم انقادت ضعاف الأنفسِ

لم يَدَعْ منها الجفا إلا دَما
كبقايا غسقٍ في غلس

* * *

انا ما استبدلتُ عن كاس اللَّمى
بدلا يشهدُ لي مرشفُهُ

ذكِّروه العهد والسفح وما
ضمَّنا إن قال لا أعرفُه

فاذا رقَّ َفقولوا حرّما
ربُُّك الظلم فلِمْ تُتْلِفُه

وإذا ما ازور قولوا أجرما
وهو من عَطْفك لما ييأس ِ

إنما الحب ضلال وعمى
فاهدِهِ نورَ الرضا يستأنس

* * *

مستهام بكُمُ إن عَنَّفا
عاذلٌ داجاه عن اشواقِهِ

قلت لا ترجع ْ لعهدٍ سلفا
"إن عمراً شبَّ عن اطواقه"

قال غالطت خبيرا عرفا
كل ما في القلب من إخفاقه

قلت يا قلبُ نقضت المبرما
أنا لولاك شديدُ الملمسِ

ظالم خاصمته فاختصما
آه لو أمهل دقُّ الجرس


(1) العهاد : المطر المتواتر.
(2) مراح : في الأصل مجال.

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الأول-وزارة الاعلام العراقية/مديرية الثقافة العامة-مطبعة الأديب البغدادية