بين النجف وأمريكا .

* نشرت في جريدة "لسان العرب" العدد 104 في 18 تشرين الثاني 1921م . 
* عارض بها قصيدة "ايليا ابو ماضي" : أحب معانقة النرجس لعينيك يا ابنة كولمبس . 
* بعث بها ضمن رسالة إلى صديق له تعرف به على بعد ، وقد بارحها إلى أمريكا .

أأمريكُ يابنتَ "كولمبسِ"
لحُبِّكِ وقع على الأنْفُسِ

صبوتُ إليك وأين الفرات
وأهلوه من بحرك الاطلس

حنّنا ولو كان في وسعنا
سعينا إليك على الارؤس

إذا آنس الصبَّ ذكر الحبيب
ففي غير ذكرك لم آنس

هواجس تدني إليك المنى
ولولا المنى قط لم اهجس

وأني ، ومابي حبّ الصخور
أحن إلى صخرك الأملس (1)

هوى لو بشهب الدراري صبت
ولو بالعواصف لم تهمس (2)

إذا كان من ثمر للمنى
ففي غير أرضك لم يغرس

وكم قائل ما اصطلى في الهوى
بناري وقد غرّه ملمسي

أليس سواها نفيس يرام
فقلت : هواي مع الأنفس

أحبّاى حتى م يصبو لكم
معاف ويذكركم من نسي (3)

ألا هل أتاكم بأني متى
تدر كأس حبّكم أحتس

وأني كالليل بادي الهموم
وأني كالنجم لم انعس

ولي قلب حر عصيُّ الزمام
فإن راضه حبُّكم يسلس

وكم ليلة بتُّ في عزلة
ومن طيب ذكراكم مجلسي

*  *  *

وبلدة ذل تميت الشعور
فمنطيقها الحرُّ كالأخرس

أحب بلادي لو لم أخَفْ
بها شرَّ ذي الغدرة الأشرس

يجاذب قلبي إليها الهوى
ويأبى المقام بها معطسي

جفوني ولا ذنب إلا الاباء
وإن طاب من بينهم مغرسي

وقالوا تناسى ولا حنة
وهل بلبل حنَّ للمحبس !


(1) ومابي حب الصخور : في الأصل ، وقلبي ذاك الرقيق .
(2) هوى لو بشهب : في الأصل ، هوى لي لو بالدراري .
(3) معاف : على الشائع .

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الأول-وزارة الاعلام العراقية/مديرية الثقافة العامة-مطبعة الأديب البغدادية 1973م