الشباب المر .

الشباب المر ..
* نشرت عام 1922.
* عارض بها قصيدة "محمد رضا الشبيلي" .. (في سبيل الشرق) :
                   لم يبق لي الا الشباب وإنه
                                  ديباجة ضمن الاسى إخلاقها
* نشرت في مجلة "العرافان" الجزء الرابع من المجلد الثامن في كانون الثاني 1923.

طوت الخطوبُ من الشباب صحيفةً
لم ألقَ منها ما يُعِز فراقها

ومسهدٍ راع الظلامَ بخاطر
لو كان بالجوزاء حَلّ نطاقها

ترنو له زُهرُ النجوم وإنها
لو انصفته لسَوّدتْ احداقها

أفدي الضُّلوع الخافقات يروعني
أن الرقاد مسكِّن خفاقها

وأنا الموآخذ في شظايا مهجة
حَمّلْت مالا تستطيع ، رقاقها

ضمنت لي العيش المهنأ لوعة
أَخذت على شُهْب السما آفاقها

يشتاق إن يردَ اللواذع منهلا
صبٌ ولولا لذةٌ ما اشتاقها

هزجٌ اذا ما الوُرق نُحن لانني
خالفت في حب الأسى أذواقها

كم نفثةٍ لي قَنَّعتْ وجه الدجى
هماً وأوحت للسُها إخفاقها

ومهونٍ وجدي عَدَتْهُ لواعجٌ
اخرسن ناطقَ عذله لو ذاقها

ما في يديْ هي مهجةٌ وهفا
بها داءٌ ألّح ، وَعبرةٌ وأراقها

* * *

يا مهبِطَ الرسل الدعاة إلى الهدى
عليا بنيك عن العلى ما عاقها

زحفت بمدرجة الخُطوب ففاتها
شأو المُجِدِّ من الشعوب وفاقها

لحقت فلسطينٌ بأندلسٍ اسىً
والشامُ ساوت مصرَها وعراقها

مهضومةٌ من ذا يرد حقوقها
وأسيرةٌ من ذا يفُك وَثاقها

يسمو القويُّ وذاك حكم لم يدع
حتى الغصونَ فشذَّبت أوراقها

نقضت مواثيقَ الشُّعوب ممالكٌ
باسم العدالة أبرمت إرهاقها

لم تُنْصفوا الأمم الضِعافَ ، ورَدَتُمُ
عذْب الحياة وأُرِدت غَسْاقها (1)

ان الذي قسم الورى جعل الحبا
نصفاً وقسَّم بينهم أرزاقها

* * *

هُبي ليوثَ المشرقينِ وجددي
منها الحياة وقوِّمي أخلاقها

صبحٌ من الآمال أشرق إن يكنْ
حقاً فشمسكَ عاودت إشراقَها

أسمعت تَهْدار الأُسود مهاجة
تحمي العرينَ وهل رأيت وفاقها (2)

تلك الشُّعوب المستكينة . من جلا
عنها القذى ؟ من حثَّها ؟ من ساقها ؟

ولقد علمت بان ذاك لغاية
تسمو بها إذ أكثرت إطراقها

لك في محاني "الدردنيل" معاصم
آلت تمد على رُباك رِواقها

حلَفت بمجد الشرق لا خانت له
عهداً، فأحكمَ حِلفُها ميثاقها


(1) الغساق : الماء البارد المنتن.
(2) مهاجة : على الشائع .

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الأول-وزارة الاعلام العراقية/مديرية الثقافة العامة-مطبعة الأديب البغدادية 1973م