وشاح الورد .

وشاح الورد ..
* نشرت في صحيفة " مرآة العراق " العدد 3 في 1 كانون الأول 1924.. بعنوان :
                                          الأدب الحديث
                                         وشاح من الورد
                            للشاعر المطبوع الشيخ محمد مهدي الجواهري
* قدمها الشاعر برسالة إلى صاحب الصحيفة، محسن ناجي صالح هي :
أخي المحترم صاحب " مرآة العراق " المفضال..
بعد السلام عليك..
بمناسبة إرسالي الموشحة الصغيرة لجريدتك الغراء أقول :
إن إخواني الشرقيين عامة يدينون اليوم بدين التقليد وأنا معهم.. ولكني، مع هذا كله، فأنا غيرهم..
لقد ضاقت خطة الأدب العربي الوسيعة بكثير من إخواني أصحاب الأذواق في الأدب الشرقي كما يظنون، وعوضاً من أن يستخرجوا من أوزانه وأعاريضه أوزاناً وأعاريض أخرى ليكون لهم أيادي خالدة عليه، فقد نزلوا كلاً على الأدب الإفرنجي، وآخر ما أتحفونا به من ذلك الشعر المنثور.
أجل.. أخي، خير من هذا الشعر المنثور الغربي الفاقد لرنة الشعر الموسيقية التي تنزل بها القافية على أعماق القلب بلا إذن، الموشحات الأندلسية المتشعبة الفنون، الكثيرة اللطف والرونق.
وخير لناقلها إلى العرب الأديب أمين الريحاني أن يكون ثاني " ابن باجة " و " ابن زهر " و " ابن الخطيب " من أن يكون ثاني فلان الافرنسي والأمريكاني وهو العربي القح.
أما أنا، المخلص، فلا أزال مشغوفاً بالآثار الأندلسية المعتوقة أقرأها عند كل صباح ومساء، بنغمتي التي أقرأ بها كل ما يعجبني ويطربني.. ولا تزال موشحات الأندلسيين وأهازيجهم قبلتي وقدوتي عندما أريد الخروج على بحور الخليل بن أحمد وأعاريضه الدارجة المألوفة.
وإليك واحدة منها نظمت قبل سنين عثرت عليها بين أوراقي المتناثرة، وبعثت بها إليك، على ما بها، دليلاً على إعجابي بهذا النوع من النظم منذ صغري.
                                                              والسلام عليك
                                                                  المخلص
                                                          محمد مهدي الجواهري

يغزل للفجرِ
بيضَ الخيوطِ

والصبح إذ يسري
مطالعَ البِشرِ

وريِّقُ القطر
يحوك للزهر

والكأس ملآن

والشهب ندمان
بعض لبعضِ

* * *

والكل فرسانُ

والروضُ ميدانُ
للقطف والعضِ

والصُّدغ بستان

واللحظُ وسنان
كالنرجس الغضِ

والشِّعر كالشَّعر
في اللف والنشر

والخدُّ كالبدر
كالشمس في الظهر

* * *

رَوْح الصَّبا تسري
بالبعث والنشر

ويانع الزهر
يلتف بالنهر

الروض مزدان

تكسوه ألوان
من الربيع

* * *

والنبت فَيْنانُ

رَوح وريحان
زاهي الفروع

والشمسُ في سُكر
من رشفة الخمر

تسري ولا تدري
بالنهي والأمر

ومَبسمُ الفجر

يفترُّ عن درِ
من السقيط

* * *

وطائرُ النَّسر

يلوذ بالوَكْر
خوف السقوطِ

والبدر في الأسر
واهي الخيوطِ


المصدر : ديوان الجواهري-الجزء السابع-الجمهورية العراقية-وزارة الاعلام-دار الحرية للطباعة -بغداد 1980م