الشاعر السليب .

الشاعر السليب ! ..
* نشرت في جريدة "العراق" العدد 874 في 31 آذار 1923.

"بَلِينا وما تَبْلى النجوم" الرواكدُ
رسومٌ عَفَت منها العلا والمحامدُ (1)

أصاخَ بها للجهل طيرٌ مشردَّ
وسابت بها للغي رُقْمٌ أساود (2)

وليلة بتنا بالغريّ بساطُنا
رياض ، ومن خد الشقيق الوسائد

تخال الصبَّا إما سرت كفَّ لا قط
وقد نُظِمتْ للطلِّ فيها فرائد

تجمع للأحزان جو ملبدٌ
وهبّت من البلوى رياحٌ رواكد

ومما شجا أن الثلاثة قادهم
لما قادني حَظٌ عن الكل شارد (3)

صغارٌ بغوا للنحو شرَّ وسيلة
تضِل بها للسالكين المقاصد

يقولون أعْرب قام زيد وخالد
وما جرّ الا الشؤمَ زيد خالد

فقلتُ: لئن قاما فذاك الفعل حاضر
وقد بان عما تسألون الشواهد

وقالوا : جلاميدٌ أقيمت مَحْارِباً
فقلت : جسومٌ دونهن الجَلامد

فلما دنونا وانجلى ضوء بارق
من الحق ، جلّى الظن ُ ، والظن فاسد

هناك التقى الجِنُحان منها وأخفقا
ضعيفان مقصودٌ هناك وقاصد

وما منهمُ الا كما البرجُ ناهض
علينا ومثل الكلب للتُرب ساجد (4)

يقولون : لا تَهمِس ، وبالهمس قولهم
فقلت : استوى منا خليُّ وواجد

أراكم "حسبتم كل بيضاء شحمةٍ"
من الناس أو ضاقت عليكم فدافد (5)

وإلا فهل اغنتكُمُ عن طرائف
من المال هذى البالياتُ الأوابد (6)

لهم حسب في اللؤم دقَّت عروقُهُ
طوارفُه تسمو بهِم والتوالد

مُحالاً أرى تصحو من الغي قفرة
أراذلها تُكسى تَعرى الأماجد

لئن سلبوا ثوباً أرَّثَّ فبعدما
كستهم ثياب العار مني القصائد


(1) تضمين لمطلع قصيدة للبيد :
بلينا وماتبلى النجوم الطوالعُ * وتبقى الديار بعدنا والمصانع.
(2) رقم : جمع أرقام وهو الحية فيها سواد وبياض . الأساود : جمع أسود وهو الحية.
(3) هم ثلاثة من طلبة العلم في النجف كانوا مع الشاعر.
(4) للترب : في الأصل الذل .
(5) فدافد : جمع فدفد وهو الفلاة.
(6) الأوابد : القديمة.

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الأول-وزارة الاعلام العراقية/مديرية الثقافة العامة-مطبعة الأديب البغدادية 1973م