لغة الثياب أو حوار صامت .

* نشرت في جريدة " الجمهورية " العدد 2909 في 19 آذار 1977.

شَمَّرتُ أرداني لنصفِ
وغسلتُ أثوابي بكفّي

ونشرتُها للشمسِ للنَّظر
اتِ، للأرواحِ تَسفي (1)

خالفتُها عدّا، ولوْ
ناً خُولِطَتْ صنفاً بصنف

ما بينَ أربدَ لا يشِفُّ
وبين مفضوحٍ أشف

وظللتُ أرمقُهُا با
سْجاحٍ، وترمُقُني بعُنف (2)

لغةُ الثيابِ عَرَفْتُها
و أجدتُها حَرفاً بِحَرْف

لم أنخدعْ برفيفِها
عِلماً بما تحتَ المرَفّ

فلطالما خفَقَتْ على
شرِسٍ كجلدِ " الفيل " جِلفِ

ولطالما خَلِقت على
سَمْحٍ كضوءِ الفجر عَفّ (3)

* * *

نَعَظتْ إليَّ رؤوسُها
فيها تغامزَ ألفُ طَرف (4)

واستلتِ الأكمامَ ألسنةً
مُؤمِّنةً .. تُقفّي

قالتْ بأفصحِ ما احتوتْ
لغةٌ بلا نحوٍ وَصَرف:

حِقباً طوالاً كنتُ إلفَكَ
بَرَّةً يا شرَّ إلِف

درءَ الحتوفِ عليك كنتُ
وفي يديكَ مدبُّ حتفي (5)

يا مُولعاً أبداً بطَرْ
حي – يَتّقي وَضَرِي – وَحَذْفي (6)

ما كانَ من درَنَي، فمنك
ومن دمٍ غثْيان صلفِ

* * * 

كما أنت قاسٍ .. يابنَ حو
اءٍ مُولعّةٍ بخصفِ (7)

هربتْ من "العُريِ" الطهورِ
وَجَنَّةٍ تُدوي، وَتَشفي (8)

وَتقيَّلتْ " وَعْثاً " تفجَّرَ
عن قلوبٍ فيه غُلْفِ (9)

أعطاكَ من سوّاكَ ملءَ
العين من مَرَحٍ وظرفِ !

أظفارَ غول سَبْطةٍ
ونيوبَ ذئبٍ غير عُقْف


(1) الأرواح: الرياح، تسفي: تحمل التراب وتذريه.
(2) سجح سجحا: لان. والاسجاح: حسن العفو.
(3) خلقت: بليت.
(4) نعظت: ارتفعت.
(5) درء الحتوف عليك: دفع الموت عنك.
(6) الوضر: الوسخ.
(7) تخصف: تلزق الورق بعضه ببعض لتستر عورتها.
(8) تدوى: تزيل الداء.
(9) تقيلت: صحبت. الوعث: الطريق العسر الشاق.

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء السابع-الجمهورية العراقية-وزارة الاعلام-دار الحرية للطباعة -بغداد 1980م