خل النديم .

خل النديم ..
* نظمت في شعبان 1340هـ / نيسان 1922م .
* يهنيء بها صديقه السيد إبراهيم الجصاني بقرانه .

خلِّ النديم ، فما يكون رحيقُهُ
وأدر لَماك إذا غفا إبريقُهُ

لم يُصبني كأسُ النديم وخمرُهُ
لو دام لي ثغر الحبيب وريقه

أن تحمِ عن أهل الهوى كأس اللَّمى
فالخمرُ أجود ما يكون عتيقه

حاشا لعهدك بعد ما عوذتَه
بدقيق خصرك أن يُحَلَّ وثيقه

عين تؤرقها عدتك قروحها
وحشاً تؤججه عداك حريقه

حمّل فؤادي ما تشاء يُطق به
إلاّ جفاكَ فذاك لست أطُيقه

ما نسبة الخَصرْ النحيف مع الحشا
فهل استُعير من الوشاح خفوقه

أنا ليس لي عنه غنّى فلو ارتضى
دينَ المسيح فانني بِطْريقه

لا أدّعي هجر الخيال وإنما
أرَّقْتُ اجفاني فَسُد َّ طريقه

طرف تنازعه هوىً ومهابة
هذاك يجذِ به وذاك يعوقه

أم كيف يسلو عنك نشوان ومِن
كأس الغرام صَبوحهُ وغَبوقه

قالوا : نَزالِ . فقلت : هل يخشى
الوغى قلبي واسمر قده معشوقه

كذَب الوُشاة فما يزال كعهده
رَغم الصدود يشوقني وأشوقه

ما راق في عيني سواه ولا انثني
شئ سواي عن الأنام يروقه

بالرغم مني بعد طول تواصل
أرضى بطيف منك عز طُروقه

وقف البيان عليكما فتغزُ لي
بك والثناء إلى " علي " أسوقه

ما أبعدَ الشأوين هذا إن يضيق
منه الحشا فبذا يُفَرَّج ضيقه

دع عنك من كعبٍ وحاتِم إنما
للّجود معنى عنده تحقيقه

المجد ما روجت فيه بضائعاً
للمكرُمات فما عُكاظُ وسوقه

نسب زهت بابي الْجواد فروعُه
وإلى محمدِ ينتمين عروقه (1)

ذو عزمة مشهورة لو طاردت
شُهْبَ السما ما عاقه عَيُّوقه (2)

صال العدى فقست صلود صفاته
وسرى الندى فاهتز منه وريقه

لو يدَّعي الحساد شأوك في العلى
لعريق مجدك يُستَذمُّ عريقه

أنعم بليلتك التي قضَيتها
والبدرُ من بين السُّتور شروقه

لله أيُ رِتاج باب رمتَه
حتى استُبيح بهجمة مغلوقه (3)

عجباً لقلبٍ بالوصال تروعه
ودمٍ بلا ذنب هناك تُريقه

لي فيك صوغٌ للبلاغة لو خلا
جيدُ الفتاةِ لزانها منسوقه

أرفدتُه لك لا كبائر سلعة
لكن كما هنّا الصديقَ صديقه

دُمتم على مر الزمان مباهيا
بكمُ ، وأخطي جمعكم تفريقُه


(1) للسيد إبراهيم من الأولاد غير على : جواد ومحمد .
(2) العيوق : نجم أحمر مضيء ، يتلو الثريا .
(3) الرتاج في الأصل الباب الكبير فيه باب صغير .

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الأول-وزارة الاعلام العراقية/مديرية الثقافة العامة-مطبعة الأديب البغدادية 1973م