العلم والوطنية .

العلم والوطنية ..
* القاها الشاعر في الحفل الذي اقيم لافتتاح مدرسة "الغري" في النجف.
* نشرت في جريدة "دجلة" العدد 144 في 30 نيسان 1922.

يا عِلمُ قد سَعِدتَ بك الأوطانُ
فليسمُ منك على المدى سلطانُ (1)

وليسقِ حُبّيك العراقَ ليشتفي
منه الغليلُ ويرتوي الظمآن

هَذِّبْ لنا أخلاقَ أهليه فقد
غَشّى عليها الجهلُ والعُدّوان

ياأيُّها النشىء الجديدُ تَسابُقاً
بالعلم إن حياتَكم مَيْدان

صُونُوا البلادَ فانما عَزْماتكم
قُضبٌ ومن أقلامكم خرصان (2)

يا شَعب هل تَخشَى ضياعاً بعدَما
حاطت عليك حياضك الشبان (3)

شادوا المدارسَ بالعُلومِ تنافساً
فكأنَّما بين البلاد رِهان

يا جهلُ رفقاً بالشُعوب فأهلُها
كادَت تُذيبُ قُلوبَها الأضغان

لا لن تُفرقنا الحدودُ ولم تكن
تدري الحواجزَ اخوةٌ جيران (4)

ماذا يُريد اللائمونَ فانّه
وطنٌ يُحَبُّ ، وحبُّه إيمان

سنذودُ عنه بعزمِ حُرٍ صادقٍ
منه ضميرٌ يستوي ولسِان (5)

لا يرتضي إلا المنيةَ منهلاً
أو منزلاً من دونه كيوان (6)

لي فيكَ آمالٌ وصدقُ عزائمٍ
لا بدَّ تنشُر طَيَّها الأزمان

ولئن هتفتُ بما أجُن فعاذرٌ
فلَقَد اضرَّ بصَدريَ الكِتمان

يا موطنَ النُّجْد الغزاة هضيمةً
كيف ارتقَتْ عن شأنك الأوطان (7)

ماذا التواني منك في شَوط العُلى
هلاّ نَهضْتَ وكلنا أعوان

إنْ تَخشَ سطوةَ ظالمٍ فلقد تُرى
والغَربُ منه لحكمكَ الاذعان

غَرُّوكَ اذ دارت كؤوسُ خِداعهم
حتى سِكرتَ فعقَّكَ النُّدمان (8)

أمنَ المروءةِ أن تَنالَ حقوقَها
لِقَطٌ وأنتَ نصيبُك الحِرمان (9)

بئست علاقة واغلين وإنما
عيش الكريم مع اللئيم هَوان (10)

قد سَرَّ اكنافَ الجزيرة ما رَوَوا
يا مصرُ عنكِ ومادَتِ الأركان

مُديِّ بُرجك للعراق يبَنْ له
نَهجُ الرَشاد ، أمدَّكِ الرحمن

* * *

يا أيها الوطن المفدى دونه
يومَ الفداء الأرضُ والأوطان (11)

فدّتك ناشئةُ البلادِ وشمرت
لكَ عن سواعد عزمها الفتيان (12)

زاحمْ بمَنكبكَ النجوم ولا يطل
شرفا عليك ببرجه "كيوان" (13)

وارع الشباب وصن كريم عهودهم
فهمُ لصفحةِ مَجدِكَ العُنوان (14)


(1) على مدى سلطان : في الأصل ، على الورى السلطان.
(2) الخرصان : الرماح.
(3) حاطت عليك حياضك : في الأصل ، ضمنت نجاح حقوقك.
(4) في الأصل : لا لاتضيع حقوق يعرب أنما * هي بالأخاء وإن نأت جيران.
(5) سنذود : في الأصل سأذود.
(6) كيوان : زحل.
(7) نجد : جمع نجيد وهو الشجاع.
(8) دارت : في الأصل ماتت.
(9) لقط : في الأصل ، مصر.
(10) أصل البيت : أن العلاقة لا تلذ وإنما * عيش المحب مع الرقيب هوان.
(11) زاده الشاعر عند مراجعته القصيدة.
(12) في الأصل : ثق بالمعونة أنها قد شمرت .
(13) في الأصل : فانما بالعلم شادت ركنك الأعيان.
(14) في الأصل : خطوا لك الأثر النفيس فحظهم * فيهم ………….

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الأول-وزارة الاعلام العراقية/مديرية الثقافة العامة-مطبعة الأديب البغدادية