أبا زيدون .

أبا زيدون …
* أرسلها الشاعر عام 1962 إلى صديقه السيد عبد اللطيف الشواف جواباً على رسالة وهدية.

أبا "زيدونَ" ما أحلَى
معانيكَ ، وما أطرى

لقد أوحشنا بُعدُكَ
لولا نعمةُ الذِكرى

أبا "زيدون" والدنيا
يمازجُ حُلْوُها المرّا

سنبقى طولَ أعوامٍ
جِفافٍ نستقي شهرا

ألا يا ليت أفراسَ الصبا
المشبوبِ لا تَعْرى (1)

عَمَرنا بعدَكَ الكأسَ،
وكانت آيةً كُبرى

ونَصَّبنا لها "الويسكيَ"
والفُستقَ، والقُشِرا (2)

ومحشوَّ "دجاجٍ" حُفَ
ب "الدُلمةِ" كالطُغرا

أفانينَ، أفانينَ
بها نستعجلُ السُكْرا

وكانت كأسُك الأولى
وكأسُ لقائِنا الأُخرى

ودارت بعدَها الأكؤسُ
من كُبرى، ومن صُغرى

ومالتْ عندها صُغراً
رؤوسٌ تأنَفُ الصُغْرا

وأسرينا وما ندري
فسبحانَ الذي أسرى

بإخوانٍ إذا الدُنيا
دَجَتْ كانوا لها الفَجرا

صَفَوْا كالنبع إعلاناً
وطابُوا كالندى سرا

* * *

ألا أبلغْ "أبا القاسم"
أنّا نَعصِرُ الخمرا (3)

وأنا نقرأ الغيبَ
وأنا ننفُثُ السِحْرا

وأنا نَمسَخُ الإيما
نَ حتّى يغتدِي كُفْرا

وأنَّ العَرَقَ المَحْضَ
إذا شئنا اغتَدَى تَمْرا

وأنّا نحنُ لا الدنيا
نَسُنُّ الخيرَ والشَرّا

وإنَّ الأحمقَ المغرورَ
من راحَ بِنا يُغرى

فشُكراً يُعقِبُ السُكرا
وَسكراً يُعقِبُ الشُكرا

وشَوقاً يلذَعُ الأضلُعَ
حتَّى خِلْتُهُ جَمْرا

وميثاقاً بأن نبقى
"كإخوان الصفا" دَهْرا


(1) لا تعرى: أي مسرجة بمعنى أن يدوم الشباب.
(2) القشر: ( بالضم والكسر ) ضرب من السمك.
(3) أبو القاسم: المحامي محمد زينل.

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الخامس-الجمهورية العراقية-وزارة الاعلام-مطبعة الأديب البغدادية -بغداد 1975م