شكوى و آمال .

نشرت في جريدة "العراق" في 16 حزيران 1921م .

أُعاتب فيكَ الدهرَ لو كان يسمعُ
وأشكو الليالي ، لو لشكوايَ تسمعُ

أكلُّ زماني فيك همُّ ولوعة
وكلُّ نصيبي منك قلب مروَّع

ولي زفرة لا يُوسع القلبُ ردَّها
وكيف وتيارُ الأسى يتدفع

أغرَّكَ مني في الرزايا تجلُّدي
ولم تدرِ ما يُخفي الفؤاد الملوَّع

خليليّ قد شفَّ السُّها فرطُ سُهْدها
فهل للسها مثلي فؤاد وأضلع

كأني وقد رمت المواساةَ في الورى
أخو ظمأ منّاهُ بالورد بلقع (1)

كأن وُلاةَ الأمر في الأرض حَرَّمت
سياستُهم أن يجمع الحر مجمع

كأن الدراري حُمّلت ما أبُثه
إلى الليل من شكوى الأسى فهي ضُلَّع

كأن بلاد الحُرِّ سجن لمجرم
وما جرمه إلا العلى والترفع (2)

ستحملني عن مسكن الذُّل عزمةٌ
بواطأتِها السبعُ السوائرُ تخشع

تجنبني من كنتُ في الخطب ضَلَّهً
باسعافه دون البرية أطمع

أرى لك في هذا التورعِ مقصِداً
وإلا فما ضبُّ الفلا والتورع

تلفعتَ بالتقوى وثوُبك غيرُهُ
فلله ذيّاكَ الضلالُ الملفع

لعل زماناً ضيَعتْني صروفُه
يرق فيُرعى فيه قدْرٌ مضيع

وخلاً أساء الظنَّ بي إن بدت له
حقيقةُ ما أُخفي عن الشر يقلع

إليك زماني خذ حياة سئمتُها
هي السُمّ في ذوب الحشاشة ينقع (3)

وإني وإن كنت القليلَ حماقةً
فلي مبدأ عنه أُحامي وأَدفع

ولو أنني أعجلت خِيفَتْ بوادري
ولكنَّ صبرَ الحُرِّ للحر أنفع


(1) مناه بالورد في الأصل : في ساحة وهي بلقع .
(2) جرمه في الأصل : ذنبه .
(3) هي السم …. في الأصل : فما هي إلا مقلو منك تدمع .

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الأول-وزارة الاعلام العراقية/مديرية الثقافة العامة-مطبعة الأديب البغدادية 1973م