وصرفتُ عيني .

* مقطوعة نظم منها أبياتاً في براغ عام 1969. فقد كان يجلس ذات مساء في أحد مشاربها الشهيرة " فيولا " وحيداً طبعاً ! وإذا به يجد أمامه فتاة تجالس صاحبها.. قال :
 لقد تسمرت عيناي بها، فما استطعت من أسارها فكاكاً.. ومضى الوقت وأنا على حالتي هذه، حتى شعرت بأنهما فطنا إلى حالي، عند ذاك صرفت عيني، وامتدت يدي إلى جيبي لتخرج ورقة وقلماً، فكانت أبياتاً هي أساس المقطوعة. 
* نشرت مجلة " ألف باء " في العدد 69 الصادر في 5 تشرين الثاني 1969 وفي صفحتها الأخيرة هذه الأبيات، وقدمتها : 
– في رسالة من الأستاذ الشاعر الكبير الجواهري من براغ أنه يتهيأ الآن لشحن مكتبته إلى بغداد. وهذا يعني بالنسبة له استقراراً طويل المدى. ويبدو أن رؤى " فيولا "، وهي مسرح شعري مشهور في براغ، لا تزال تذكي تشوقه الشاب. وهذا المقطع أرسله لأحد أصدقائه في " ألف باء " يوصلنا بالأجواء الطريفة التي يعيشها شاعرنا الكبير، وإذا كان المقطع يحتاج إلى إضافة، فإن وعده باستكمال القصيدة وإرسالها إلى " ألف باء " سيرضي تشوق معجبيه .. فلننتظر إذن .. وعسى ألا يطول الانتظار ! ".. 
* أكملها عام 1970.

وصَرَفتُ عيني وهي عالقةٌ
صَرْفَ الرضيعِ برغمِه فُطِما

عن كلِّ ما جرت الدماءُ به
ما دقَّ من شيءٍ وما عَظُما

عن دورةِ الوجه التي انسجمت
وجمالَ هيكلِها الذي انسَجمَا

نَطَّتْ به شفتانِ زُوِّدَتا
بألذِّ ما وَعَتِ الشفاهُ فما (1)

جَمَعَ الشتاتَ يمُجُّ مرشفهُ
عَبَقَ الربيعِ وينفُخ الضَرما (2)

عن رَوعَةِ النَهدَينِ خلتُهما
متوزِّعَيْنِ إذا هما التَأمَا

عن كلِّ ما فيها وأحْسبُها
خُلِقَتْ مَعانيَ لم تجد كَلِما

حتى لأخجَلُ أن تُمَدَّ يَدي
لتجنِّدَ القِرطاسَ والقلَلَما

* * *

عَرَّيتُها خَلْساً وما أَثِمَتْ
ووجَدْتُ لذَّةَ مُشتهٍ أَثِما

وصَرَفتُ عيني أَدَّري أَلَماً
من حيثُ رُحتُ أُضاعِفُ الأَلَما (3)

كانَ الوجودُ أُريدُه عَدَماً
ويُريدُني أن أُوجِدَ العَدَما


(1) نطت: امتدّت وبرزت.
(2) يمج: يقذف. الضرم: اشتعال النار.
(3) أدَّري: أتقي.

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء السادس-الجمهورية العراقية-وزارة الاعلام-دار الحرية للطباعة -بغداد 1977م