المتنبي في بعض تراث الجواهري – رواء الجصاني*
(صوت العراق) – 22-05-2007
برغم ما يزيد على ألف عام فصلت بين العظيمين عطاءً وفكراً، يتباهى الجواهري في أكثر من قصيدة ومناسبة، بالتقارب الروحي والشعري بينه والمتنبي. بل ويوثق في تسجيل صوتي خلال حفل ثقافي عام 1983 أن "أبا محسد" "صديقه، وجاره، ولصق داره"، في إشارة لمدينتي الشاعرين : الكوفة، والنجف… وقاريء الجواهري يجد في جحفل قصيده العامر، إشارات واقتباسات هنا، ودفوعات ومفاخرات هناك بالمتنبي وعنه، ومن ذلك في :
– "المقصورة -1940"،
– بائية "كما يستكلب الذيب – 1953"،
– رباعية "سيسب الدهر -1960"
– "يا ابن الفراتين -1970"،
– قصيدة "بغداد – 1983"
وعديد أخر، متنوع المعاني والغايات…
هذا فضلاً عمّا كتبه الجواهري في مقدمة المجلد الأول من جمهرته في المختار من الشعر العربي (دمشق – 1985)، انتصاراً صريحاً وعنيفاً لقرينه العظيم الذي حاول د. طه حسين أن ينال منه في كتابه الموسوم "المتنبي" الذي وقفت وراء تأليفه "عصبية قبلية" و"ثارات اقليمية" وفقاً لتلك المقدمة …
وإذ يطول الحديث ذو الشأن ، ويتسع في أكثر من قصيدة وواقعة وحال، فقد تكفي قراءة سريعة للنونية العصماء عن "المتنبي فتى الفتيان" عام 1977، ليستدل منها كيف يرى الجواهري صنوه ، الذي "خبط الدنى والكون طراً، وآلى أن يكونهما فكانا"، وبماذا يقيّم عطاء "ابن الرافدين" الذي "اسال الروح في كلم موات" و"طاوعه العصي من المعاني"… ثم كيف يدافع عنه ، وينتصر له من "أمير" و"اخشيد" و"مدع" و"حسود" وغيرهم. وأزعم، مع معنيين عديدين .
أن الجواهري كان يتفاعل بمشاركة ومعايشة وجدانية مطلقة، وهو يتخذ هذا الموقف، أو ذلك التقييم للمتنبي ومنه، وما إلى ذلك من مشاعر وأحاسيس… فكلا العظيمين الثائرين على الخنوع والوهن والتقاليد الخاوية، والطامحين إلى العلى بكل اقتدار، قد نالهما الجور ولحقهما تجاوز الحاقدين، وتآمر الحاسدين، ثم صراخ "شعراء" و"متأدبين" حيناً، وعواء " ضباع" أحياناً آخرى. كما وعانيا الاغتراب، والجحود، والعسف والخصومات غير المتكافئة – حسب ما يدعيان هما على الأقل! – وخاصة بعد أن امتلكا السنام الأرقى في قمة الشعر العربي، وفي التميز بالآراء والرؤى، ودويا مع الفلك المدوي، "فقال كلاهما إنا كلانا".
* رواء الجصاني
رئيس مركز الجواهري في براغ
www.jawahiri.com
المصدر : صوت العراق http://www.sotaliraq.com
نشكر الأستاذ رواء على هذه المقالة ، لكن لو ذكرت لنا بعض الأمثلة لكان أفضل.
من الأمثلة التي تأثر بها الجواهري بالمتنبي ، ما نجده في كثير من مطالع القصائد التي تشترك بين المتنبيين ( المتنبي والجواهري)
منها
قصيدة المتنبي:
أفاضل الناس أغراض لدى الزمن يخلو من الهم أخلاهم من الفطن
فقر الجهول بلا عقل إلى أدب فقر الحمار بلا رأس إلى رسن
قصيدة الجواهري:
من موطن الثلج زحافا إلى عدن خبت بي الريح في مهر بلا رسن
وتشترك هاتان القصيدتان في الوزن ، والقافية ، وفي المضمون : إذ نجد حالة الغربة والاغتراب متناهضة في كلتيهما
ولنا أمثلة أخرى في المرات القادمة
د.علي مفلح محاسنة ، جامعة اليرموك، الاردن