أأبا الفرات .

ما زلت تحت الرمل تصرخ دائبا
وتسيل شعراً كالعواصف .. غاضبا

شعراً تمنته الطغاة مطارفاً
ونذرته للبائسين جلاببا

شعراً يثير الصابرين على الطوى
ويخيف محتجبا ..ويغري حاجبا

أأبا الفرات ! سقت ثراك غمامة
تذرو عليه جواهراً …وكواكبا

قرن حنيت بروقه ..ورعوده
ووقفت قرناً…ما حنيت مناكبا

ماذا تركت ؟!..عواصما مقهورة
وزواحفا مذعورة … وأرانبا

نتن يدير لنا الهوان.. و نحتسي
كرعاً.. ويحتقر المدير الشاربا

يتوعد الإرهاب ..وهو ربيبه
يغتال راهبةً ..ويذبح راهبا

سلب الكرامة ..فانتخينا  –جلنا!-
ندعو لمؤتمر يحيى السالبا

شرٌّ من المسئول طبع عنوة
وغد من الشعراء طبع راغبا

أشهد –أخا الرفض المجلجل !- أنني
أجللت كفي أن تمس عقاربا

نفسي الفداء.. لمن يفجر  نفسه
ليرد مغتصباً.. ويردع غاصبا

أأبا الفرات ..وفي الفرات مرارة
صبغت سلافته نجيعاً ذائبا

يبكي على وطن يموت صغاره
جوعا.. ويتخم مترفوه أطايبا

ويح العراق!..وكان أمس ملاعباً
للمجد ..أصبح للخنوع مضاربا

كانت تلامسه النجوم ..أناملا
فغدا تمزقه السجون.. مخالبا

وثن يرى في ذل شعب كامل
عزا ..فيمطر في أساه مصائبا

طعن الشقيق .. وكل غدر دونه
غدر القريب المستبيح أقاربا

قالوا :"صمت ! .. لو نطقت شفيت من
غل الصدور.." فقلت :"صمتاً  صائبا!"

هي محنة الشعراء حزناً ساكتاً
ذخر الزلازل .. أو مديحاً كاذبا

و علوت بالغضب الرهيب ..مقاربا
وسموت بالصمت الكئيب  ..مجانبا

كانت حياتك عبرةً .. لو أننا
عشنا كما عشت الحياة محاربا

ورضيت إلا أن تكون مهادناً
وأبيت … إلا أن تكون مشاغبا

ما راودتك سلامة ..إلا انثنى
شرف القصيدة في الحروف معاتبا

ترميك من منفى لمنفى ..  نزوة
شمخت على العقل الحكيم مراتبا

هذا زمان الصمت ! …يقتل بلبل
ويرى الغراب على المنابر ناعبا

أشكو إليك –أبا القصيد !- قصائداً
طرحت ملامحها النبيلة جانبا

لم تأتنا عربيةً.. لتسوغها
أذن الخيام … ولا تسرُّ أجانبا

مسخ هجينٌ.. ليس يعرف أصله
لا في الحصان .. ولا الحمار..  مناقبا

وطلاسم مفتونةُ… برموزها
تهمي عليك سناجبا.. وطحالبا

ما أبذأ الأشعار .. إن هي نكرت
-فتنكرت – ظلماً صراحاً ثاقبا

أأبا الفرات !.. قرأت شعرك  يافعا
غض السنين .. أرى السنين كواعبا

وقرأت شعرك .. والكهولة لمة
بيضاء .. تعتصر الشباب الغاربا

فطربت حين قرأت شعرك والها
يدعو ببيروت الغزال  الهاربا

وبكيت حين قرأت شعرك نازفاً
بجوار جعفر ..وهو ينزف شاحبا

وغضبت حين قرأت شعرك ثائراً
يبغي دماً.. ودماً.. ويزأر ساغبا

عجباً ! أشيب ولم يشب لك مقطع
ما زال شعرك بي لعوباً .. لا  عبا

باقٍ و أعمار الطغاة  قصيرة
شعر ضمنت له الخلود الصاخبا

غازي عبدالرحمن القصيبي


المصدر :