وإني وإن لم يبق قول لقائل
![]() ولم يتركِ الأقوامُ من متردمِّ (1)
![]() فلا بدَّ أن أُبكيكَ فيما أقصُّه
![]() عليك من الوضع الغريب المذمَّم
![]() ألا إن هذا الشَعبَ شعبٌ تواثَبَتََْ
![]() عليهَ صروفُ الدهر من كل مَجْثم
![]() مقيمٌ على البْلوى لِزاماً إذا انبرت
![]() له نكبةٌ عظمى تَهون بأعظم
![]() يجور عليه الحكمُ من متآمرٍ
![]() وتمشي به الأهواءُ من متزعِّم
![]() مساكينُ أمثالُ المطايا تسخَّرتْ
![]() على غيرِ هدْيٍ منهمُ وتَفَهُّم
![]() فلا الحكمُ بالحكم الصحيح المتمَّمِ
![]() ولا الشعبُ بالشعب الرزين المعلَّم
![]() تَحَدَّتْهُ أصنافُ الرزايا فضيَّقَت
![]() عليه ولا تضييقَ فقر مخيِّم
![]() فقد أُتخمت شمُّ "البُنوك" وأشرقت
![]() بأموال نّهابٍ فصيحٍ وأعجم
![]() تُنُوهِبْنَ من أقوات طاوٍ ضلوعَه
![]() على الجْوع أو من دمع ثكلى وأيِّم
![]() يُباع لتسديد الضرائب مِلْحَفٌ
![]() وباقي رِتاج أو حصير مثلَّم (2)
![]() وما رفع الدُّستورُ حيفاً وإنما
![]() أتونا به للنَّهْب ألطفَ سَلَم
![]() ستارٌ بديعُ النسجِ حيكَ ليختفي
![]() بها الشعبُ مقتولاً تضرَّجَ بالدم
![]() به وجدت كفُّ المظالم مَكْمَناً
![]() تحوم عليه أنَّةُ المتظلِّم
![]() نلوذ به من صَوْلة الظلم كالذي
![]() يفرِ من الرَّمضاءِ بالنار يحتمي
![]() بضوء الدساتير استنارت ممالكٌ
![]() تخبَّطُ في ليل من الجْهل مظلم
![]() وها نحن في عصر من النور نشتكي
![]() غَوايةَ دُستور من الغِش مبهم
![]() هنالك في قَصْرٍ أُعدت قِبابه
![]() لتدخينِ بطّالين هوجٍ ونُوّم
![]() تُصَبُّ على الشعب الرزايا وإنما
![]() يَصُبُّونها فيه بشكل منظَّم
![]() * * *
![]() مضت هَدرَاً تلك الدماءُ ونُصِّبَتْ
![]() ضِخامُ الكراسي فوق هَامٍ محطَّم (3)
![]() ولما استَتَمَّ الامرُ وارتدَّ معشَرٌ
![]() خلاءَ اكُفٍّ من نِهاب مقسَّم
![]() ورُدَّت على الأعقاب زَحفاً معاشرٌ
![]() تُحاولُ عَودْاً من حِطامٍ مركَّم
![]() بدا الشر مخلوعَ القِناع وكُشِّفَت
![]() نوايا صدورٍ قُنِّعت بالتكتُّم
![]() وبان لنا الوضعُ الذي ينعَتُونَه
![]() مضيئاً بشكل العابس المتجهِّم
![]() |
(1) ينظر الى مطلع معلقة عنترة : هل غادر الشعراء من متردم .
(2) الرتاج : الباب .
(3) يشير الى دماء شهداء الثورة العراقية 1920 .
الصفحات: 1 2