* نظمت عام 1932.
جَهِلْتُ ، أحظُّ المرءِ بالسعي يُقْتَنَى
![]() أم الحظُّ سرٌّ حَجَّبتْهُ المقادرُ
![]() وهل مثلَما قالوا جدودٌ نواهضٌ
![]() تقوم بأهليها وأخرى عواثر
![]() فمن عجب أن يُمْنَحَ الرزقَ وادعٌ
![]() ويُمْنَعَهُ ثَبْتُ الجَنانِ مُغامر
![]() تفكّرتُ في هذي الحياةَ فراعنى
![]() من الناسِ وحشٌ في التزاحُمِ كاسر
![]() ولا فرقَ إلاّ أنَّ هذا مراوغٌ
![]() كثيرُ مُداجاهٍ وهذا مجاهر
![]() وقد ظنَّ قومٌ أنَّ في الشِعر حاجةً
![]() إلى فاقةٍ تهتزُّ منها المشاعر
![]() وأنَّ نَتاجَ الرفهِ أعْجَفُ خاملٌ
![]() وأنَّ نَتاجَ البُؤسِ ريّانُ زاهر
![]() كأنَّ شعوراً بالحياة وعيشة
![]() بها يشتهى طَعْمَ الحياةِ ضرائر
![]() وما إن يُرى فكرٌ كهذا مُزَيَّفٌ
![]() لدى أمّةٍ للفنِّ فيها مناصر
![]() ولا أمةٌ تحيا حياةً رفيهةً
![]() يَجيشُ بها فيما يُصوّرُ شاعر
![]() ولكنّهُ في أمّةٍ مستكينةٍ
![]() طغى الذُّلُّ فيها فهو ناهٍ وآمر
![]() وآنسها بؤسُ الأديبِ وأُعْجِبَتْ
![]() بِشِعرٍ عليه مهجةٌ تتناثر
![]() وللحزنِ هزّاتٌ وللأُنْسِ مِثْلُها
![]() يُخالِفُ بعضٌ بَعْضَها ويُناصر
![]() ومثلُ قصيدٍ جسَّدَ الحزنَ رائعاً
![]() قصيدٌ بتجسيدِ المسراتِ زاخر
![]() نُسَرُّ بشِعرٍ رقرق الدمعُ فوقَه
![]() إذا عَصَرَ الذهنَ المفكّرَ عاصر
![]() وقد فاتنا أنّ الذي نستلذُّهُ
![]() قلوبٌ رقاقٌ ذُوِّبَتْ ومرائر
![]() وما أحوجَ القلبَ الذكيَّ لعيشةٍ
![]() يَعِنُّ بها فِكْرٌ ويَسْبَحُ خاطر
![]() ورُبَّ خصيبِ الذهنَ مَضَّتْ خَصاصةٌ
![]() به فهو مقتولُ المواهبِ خائر
![]() وشتّانَ فنّانٌ على الفنِّ عاكفٌ
![]() وآخرُ في دوّامِةِ العَيْشِ حائر
![]() وقد يطرق البؤسُ النعيمَ اعتراضة
![]() كما مَرّ مجتازاً غريبٌ مسافر
![]() ولكنّ بؤساً مُفْرِخاً حَطَّ ثِقْلَهُ
![]() وألقى عصاه فهو موتٌ مخامر
![]() |
المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الثاني-وزارة الاعلام العراقية/مديرية الثقافة العامة-مطبعة الأديب البغدادية 1973م