أطفالي وأطفال العالم …
* ألقاها الشاعر صيف عام 1962 في الحفل العالمي الكبير في موسكو في مؤتمر نزع السلاح.
* ترجمت إلى عدة لغات ونشرت في عدة صحف عالمية.
* نشرت في "بريد الغربة"
لي طفلتانِ أقنِصُ الخيالا
عَبْرَيهما والعِطرَ والظِلالا
أسوءُ حالاً كي يُسرَّا حالا
* * *
وكي يُراحا أستلِذُّ التَعَبا
لي ناشئانِ يُرقصان الملعَبا
قد أوشكا من رقةٍ أن يُشرَبا
لم يَعرِفا غيرَ الصفاء مَذهبا
وغيرَ حُبِّ الناسِ أُمّاً وأبَا
* * *
إني وبالفطرةِ أهوى النَغَما
إن حدَّثا سمعتُ ظبياً بَغَّما (1)
ويبسِمُ المَرج إذا ما ابتسما
* * *
طفلانِ .. سلني تعرفِ الأطفالا
أحمِلُ من أجلهما أثقالا
لم تستطِعْ قبلَهما احتمالا
* * *
تَعَوَّدا أن يَسرَحا ويمرَحا
وأن يصُبا في النفوس الفَرَحا
لم يبْرحا لا يعرفانِ البَرَحا (2)
* * *
وعندنا ، نحن الكبارَ ، البَرَحُ
تُسمِّمُ العَدوَى به وتُجرَحُ
* * *
نحن الكبارَ ليتنا أطفالا (3)
ولم نُزلزل بعضنا زِلزالا
ومنذُ دهرٍ وهُما قد حالا
وبُدِّلا عن حالةٍ أحوالا
قد هاجَ في نفسَيهما البِلبالا
صحيفةٌ قد حُملَّت أثقالا
* * *
من وِزر باغٍ دكَّ " هيروشيما "
بالذرِّ حتى ردَّها هشيما (4)
* * *
بين السطورِ طَالَعا تمثالا
لطفلة مثلِهما جمالا
قد مزَّقتْ أوصالُها أوصالا
* * *
مِن حَولها ينتشِرُ الغَمامُ
قد خُولِط المَوتُ به الزُوءم (5)
وهي كما شاء لها الطَغام (6)
نائمةٌ وفوقها الحَمَام
يرِفُّ في رفيفه السَّلام
* * *
وإن تَهاوى جسمُه هُزالا
والقادمانِ ارتميا إنسالا (7)
* * *
وارتَعدا فقلتُ لا تُراعا (8)
إن الغمام ينجلي سُراعا (9)
والخيرُ ريحٌ تكنُسُ الأطماعا
وكمْ وكمْ قد مزَّقت شِراعا
* * *
حطَّ الطغاةُ عنده الآمالا
ثم التَّوَى بثقلِه ومالا
وانتعَشَ القلبانِ ثم قالا:
* * *
هبْ مثلَما قلتَ الغمامُ يذهبُ
لِمَ الحمامُ ساكنٌ لا يلعب ؟
لابدَّ أنْ قد ليث منه مَشرب (10)
* * *
فهو – وهذي أختُنا – استحالا
رمزاً لموتٍ يمنح الجمالا
* * *
وانتهَضا يستطلِعانِ الأُفُقا
ويرمُقان مغرِباً ومشرِقا
ويلعَنان من غمَامٍ مِزَقا (11)
تلعَقُ من دمٍ يعطّي الشَفَقا
وانتفضا كالطيرِ ينزو فَرَقا (12)
|
(1) أراد بَغَم ” الثلاثي ” و البغام صوت الظبي.
(2) البرح: الألم.
(3) نصب الشاعر اسم ليت وخبرها على لغة من لغات العرب وعلى مذهب قومه الكوفيين. والشاهد عليها قول الشاعر:
إذا اسودّ جنح الليل فلتأت ولتكن = خطاك خفافاً إن حراسنا اسدا
(4) الهشيم: اليابس من النبات.
(5) الموت الزؤام: الكريه أي الشديد.
(6) الطغام: المستبدون الطغاة.
(7) أراد بـ ” القادمان ” مقاديم ريش الطائر وهي القوادم، والإنسال من قولهم انسل ريش الطائر ذهب وأسرع.
(8) لا تُراعا: لا تخافا.
(9) السُراع: السريع.
(10) لاث: أراد لوّث.
(11) المزق: القطع.
(12) الفرق: الخوف.
المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الخامس-وزارة الاعلام العراقية/مديرية الثقافة العامة-مطبعة الأديب البغدادية 1975م