فتى الفتيان .

* ألقى الشاعر قسماً منها في الأمسية الشعرية التي أقيمت في قاعة ( ابن النديم ) بمناسبة مهرجان المتنبي، مساء الإثنين 7 تشرين الثاني 1977.
* نشر هذا القسم في جريدة ( طريق الشعب ) العدد 1249 الثلاثاء 8 تشرين الثاني 1977.
* ونشر كذلك في مجلة ( الدستور ) العدد 354 ( لندن 18 ) السنة السابعة، الإثنين 21-27 تشرين الثاني 1977.
* ونشر أيضاً في مجلة ( الآداب ) البيروتية العدد الحادي عشر، السنة الخامسة والعشرون، تشرين الثاني 1977.
* كما نشر في مجلة ( البيان )، مجلة رابطة الأدباء في الكويت العدد 142 كانون الثاني 1978.
* نشرت غير كاملة في مجلة ( الفكر الجديد ) العدد 274 السبت 21 كانون الثاني 1978.
* نشرت غير كاملة في كتاب ( المتنبي ماليء الدنيا وشاغل الناس ) الصادر عن وزارة الثقافة والإعلام – دار الرشيد للنشر – 1979.

تحدَّى الموتَ واختزلَ الزمانا
فتى لوّى من الزمنِ العِنانا

فتى خَبَط الدُنى والناس طُرّا
وآلى أن يكونَهما، فكانا …

أرابَ الجنَّ اِنسٌ عبقريٌّ
بوادي " عبقرَ " افترَشَ الجِنانا (1)

تطوف الحورُ زِدْنَ بما تَغَنَّى
– وهن الفاتنات – به افتتانا

ضَفَرنَ جَدائلا إكليلَ غارٍ
ومن طرر حَبَكْنَ الصَّولجانا (2)

ومن غُرَر له ناوَحْنَ عُودا
وطارحْنَ الولائدَ والقِيانا (3)

ومما عَتَّقت من ألف عام
صَفَفنَ له المشاربَ والدِّنانا

وذَوَّبْنَ اللُّغى، وكفَينَ منها
بأصداءِ العصور التُّرجُمانا

ونصَّبْنَ الإلَه على سَرير
من الزهراتِ زِينَ بها وزانا

وراح الخُلْدُ يخفُقُ بالقوافي
عَماليقا وأغيدة لِدانا (4)

وملءُ رحابِه نَغمٌ طليقٌ
تخطَّى البعدَ واخترَقَ الأوانا

* * *

دماً صاغ الحروفَ مُجَنَّحاتٍ
رِهافاً، مشرئبّاتٍ، حِسانا (5)

يرِدْنَ حياضه ينبوعَ فكرٍ
ويحُضنَّ اليراعةَ والبَنانا

وطار بِهنَّ في شَرقٍ وغَرْبٍ
كأنَّ لهُنَّ في قَصبٍ رهانا

فُوَيقَ الشمس كُنَّ له مدارا
وتحتَ الشمس كُنَّ له مكانا

وآبَ كما اشتَهَى يشتَطُّ آنا
فيعصِفُ قاصِفا ويرِقُّ آنا

وفي حاليه يَسحَرُنا هَواهُ
فننسى عَبْرَ غَمْرتِه هَوانا

فتى دوَّى مع الفَلَكِ المُدَوِّي
فقال كلاهما: إنّا كلانا

* * *

فيا ابنَ الرافدَينِ، ونِعمَ فخرٌ
بأنَّ فتى بني الدنيا فتانا

حبتك النفسُ أعظمَ ما تحلّت
به نفسٌ مع المحنِ امتحانا

وذُقتَ الطعمَ من نَكَبات دهرٍ
يمُدّ لكل مائدةٍ خِوانا (6)

وجهَّلَك المخافةَ فَرْطُ عِلمٍ
بكُنْهِ حياةِ مَن طلبَ الأمانا

وأعطتكَ الرُّجولةُ خَصْلَتَيْها
معَ النُوَبِ: التمرُّس والمرَانا

فكنتَ إذا انْبَرى لك عُنفُوانٌ
من الغَمَرات أفظَعَ عُنفوانا

وكنت كفاءَ معَمعةٍ طحونٍ
لأنك كنتَ وحدَكَ معمعانا (7)


(1) أراب: جعل فيه ريبة.
(2) الصولجان: العود المعوج وهو من سمات الأبهة والملك.
(3) ناوحن: تبادلن النواح.
(4) لدان: جمع لدنة وهي اللينة.
(5) رهاف: جمع رهيفة أي الرقيقة. والمشرئبات: المتطلعات.
(6) الخوان: ما يمدّ فيوضع عليه الطعام.
(7) المعمعان: مثل المعمعة وهي الحرب.

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء السابع-الجمهورية العراقية-وزارة الاعلام-دار الحرية للطباعة -بغداد 1980م