محمد البكر .

* نشرت غير كاملة، في جريدة "الجمهورية" العدد 3231 الأربعاء 29 آذار 1978.
* وكانت جريدة "الجمهورية" قد نوهت في العدد 3230 الثلاثاء 28 آذار 1978 إلى نشر القصيدة تحت عنوان :
( غداً رائعة الجواهري في رثاء نجل السيد الرئيس ) وقالت :
أبت قريحة شاعر العرب الكبير الأستاذ محمد مهدي الجواهري إلا أن تشارك الأب القائد أحمد حسن البكر وكل أبناء شعبنا بمشاعر الألم والحزن.
إذ كتب مرثية للراحل الكريم محمد نجل السيد الرئيس، وللمرحوم الفقيد علاقات ود وإعجاب وألفة بشاعرنا المبدع الجواهري "والجمهورية" تعد القراء بنشرها كاملة في عدد غد وقد خصها الشاعر بها…

تَعَجَّلَ بِشْرَ طلعتِكَ الأفُولُ
وغالَ شبابَكَ الموعودَ غُولُ

وطافَ بربعكَ المأنوسِ ليلٌ
تزولُ الدَّاجياتُ ولا يَزولُ (1)

وأثقلكَ الحِمامُ فلستَ تصحو
ويصحو الرَّوضُ أثقلَهُ الذُّبولُ

وقاسَمَكَ الرَّدى مَنْ تَصطفيهِ
كما يَتقاسَمُ الشَّفَقَ الأصيلُ

لعمرك إن سائمة الرزايا
لها في سوحنا مرعى وبيل

يظل الحي إثر الميت فيها
يودّ لَوَ أنّه عنه البديل

يسمِّم لحمه موهوم ظنٍ
ويخطف لبَّه لمح ضئيل

وينهَشُهُ على التِّذْكار وحشٌ
شروبٌ من حُشاشتِهِ أكول

وحيداً عند معترك الليالي
ينازله من البلوى قبيل

يزيد تفكراً فيزيد همّاً
وتستدعي له العُقَد الحلول

ويبتعث الدخائل قد تناسى
دفائنها، فيقتله القتيل

* * *

أسلتُ الآهة الحرّى تلاقتْ
عليها دمعةٌ حرَّى تَسيلُ

على " قَمريْنِ " لَفَّهُما حفيرٌ
تُجَرَّرُ فوقَه حُزناً ذُيولُ

وآخرَ ثالثٍ حلوٍ كشملٍ
يُلَمُّ على الرَّدى منه فُلولُ

فيالكَ مَوقفاً جَلَلاً فظيعاً
يَنوءُ بِثِقْلِهِ " الشيخُ الجليلُ "

تَنازَعَ وجْهَه فَبَدا شفيفاً
مَهيبُ الحزنِ، والصبرُ الجميلُ

عجبتُ له وبعضُ العَجْبِ حَمْدٌ
وبعضُ الشكِّ حُكْمٌ لا يَفيلُ (2)

أمن صُلْبٍ بركبٍ من " نعوشٍ "
يُسارُ، ولا يَخورُ، ولا يَميلُ ؟!

وتُمتَحنُ الرجولةُ في محكٍ
يُمازُ به المزيَّفُ، والأصيلُ

وعند النفس شامخةً سفوحٌ
مطامنةٌ، ومن دَعَةٍ سهول

يراوحها على الضراء رَوْحٌ
وفي " النكباء " أنسام قيول (3)


(1) الداجيات: الظُّلم.
(2) لا يفيل: لا يُخطئ.
(3) النكباء: الريح الشديدة العاصفة.

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء السابع-الجمهورية العراقية-وزارة الاعلام-دار الحرية للطباعة -بغداد 1980م