يدي هذه رهن .

* نظمت في عام 1931 . 
* نشرت في ط35 بعنوان : "الحالة الراهنة … يدي هذه رهن"

يدي هذه رهنٌ بما يَدَّعى فمي
لئن لم يحكِّمْ عقلَه الشعبُ يندمِ 

هتفتُ وما أنفك أهتِف صارخاً
ولو حرّموا مسِّي ولو حلَّلوا دمي 

ولو فتّشوا قلبي رأوا في صميمه
خلاصةَ هذا العالمِ المتألِّم 

إذا تُرك الجُمهورُ يَمضي لشأنه
ويسلُك من أهوائه كلَّ مَخْرِم (1) 

وتنتابُهُ الأهواء من كلِّ جانبٍ
وترمي به شتى المهاوي فيرتمي 

وتُنْشَر فيه كلَّ يوم دِعايةٌ
ويندسُّ فيها كلُ فكر مسمِّم 

وتَقضي عليه فُرقة من مسدّر
وتُنْهكُه رجعيةٌ من معمَّم  (2)

ولم تلدِ الدنيا له من مؤدِّب
يهذب من عاداته ومقوِّم 

فلا بد من عُقْبى تسوء ذوي النهى
وتَدمى بها سبابةُ المتندِّم 

ولا بد أن يمشي العراقُ لعيشة
يشرَّفُ فيها أو لموت محتَّم 

* * *

أقول لأوطانٍ تمشت جريئةً
يَمدُّ خطاها كلُّ أصيدَ ضيغم 

وقرَّ بها مما تحاول أنها
رأت في اكتساب العزِّ أكبر مغنم 

ألا شعلةٌ من هذه الروحِ تنجلى
على وطن ريانَ بالذُّل مُفْعَم 

خذي كلَّ كذّاب فَسُلِّي لسانه
ومُرّي على ظُفر الدنيِّ فَقَلِّمي 

ومُرِّي على هذي الهياكل أقبلت
عليها الجمْاهير الرُّعاع فحطِّمي 

وإن كان لا يبقى على الحال هذه
سوى واحد من كل ألف فأنعم 

فأحسنُ من هذي التماثيل ثُلّةٌ
تقوم على هذا البناء المرمَّم 

فقد لعِبَت كفُّ التذبذب دورَها
به واستباحت منه كلَّ مُحرَّم 

وقد ظهرت فيه المخازي جليةً
يضيق بها حتى مجالُ التكلُّم 

وقد صيحَ نهباً بالبلادِ ومُزِّقت
بظفُرٍ وداسوها بخُفٍّ و مَنْسِم (3) 


(1) المخرم : الطريق .
(2) المدر : لابس الدرارة .
(3) المنسم : خف البعير .

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الثاني-وزارة الاعلام العراقية/مديرية الثقافة العامة-مطبعة الأديب البغدادية 1973م