آهات .

* نظمت في " براغ ". 
* نشرت في جريدة " الثورة " العدد 1576 في 4 تشرين الأول 1973.

لا تلُمْ أمسَك فيما صَنَعا
أمسِ قد فاتَ، ولن يُستَرجَعا

أمسِ قد ماتَ .. ولن يبعثَه
حملُك الهمَّ له .. والهَلعَا (1)

هَدراً ضيَّعتَه مثل دمِ ال
ملك " الأبرَشِ " لما ضُيِّعا (2)

لم تُمطِّرْه فلا تَسأَلْ به
أشبَاباً، أم سَحاباً أقلعا (3)

واطَّرِحْه واستَرِحْ من ثِقْلِه
لا تُضِع أَمْسَك واليومَ معا

* * *

آهِ كم جرَّرتَها عن كَبِدٍ
من وَقيدِ الآهِ سالتْ قِطَعا

آه يا شَرخَ الصِبا لو طَلَلٌ
سَمِعَ النجوى، ولو مَيْتٌ وَعَى (4)

ما أذلَ العُمرَ مَمحوقَ السَّنا
يشتكي منه المغيبُ المطلَعَا

فهو ما ارتحتَ له حتى امّحى
" وهو ما سلَّمَ حتى ودَّعَا "

وأخسَّ المرءَ يشكو يومَه
فإذا ولَّى بكاه جَزَعا (5)

عاطشاً يمضي ولمّا يغتَرِفْ
من أفاويق الصِبا ما رَضَعا (6)

تنحِتُ الآلامُ من أطرافِه
يأكلُ الموضعُ منه الموضِعا

* * *

يا بقايا ذكرياتٍ كلَّما
جُسَّ عودٌ من صَداها رَجَّعا

أجمَعُ المُرَّ  إلى المُرِّ بها
وأُسَقّاها سَموماً جُرَعا

تَرْتَعي في النَومِ مني حَمَلاً
وادِعاً يَرقُبُ منها السَبُعا (7)

حَدِّثي ما شِئتِ عن أُبدوعةٍ
ولقد يأتي الزمانُ البِدَعا (8)

عن فتىً أخصَبَ في شَتْوتِه
لاعِناً فيها الربيع البَلْقَعا

عاشَ في العشرينَ شيخاً ورَعَى
بعد سِتّينَ شَباباً ممرِعا

ورأى من ذي وهذي عِبرةً
ولكم ضُرَّ الفتى كي يُنْفعا


(1) الهلع: الخوف
(2) الملك الأبرش: جذيمة بن مالك وكان له برص فكنوا به عنه، وهو ملك المناذرة استدرجته الزباء ملكة تدمر ففتكت به.
(3) الضمير في ” تمطره ” يعود على ” أمس ” أي لم تروه.
(4) شرخ الصبا: أول الشباب.
(5) الجزع: الحزن.
(6) أفاويق الصبا: رواؤه وغضارته.
(7) ارتعى: رعى.
(8) الأبدوعة هنا تعني كما تؤيدها الأبيات التالية الثلاثة أن الشاعر ارتعى في شيخوخته ما حرمه في شبابه.

المصدر : المصدر : ديوان الجواهري-الجزء السادس-الجمهورية العراقية-وزارة الاعلام-دار الحرية للطباعة -بغداد 1977م