* نظمت في براغ عام 1971.
هلمّ أصلحْ، رعاك اللهُ، ما فَسدا
ما أنت أفسدت من أمر بدا فعدا
الْغادةُ استوحشت من بعد أُلْفَتِها
وأَدبرت بعد إِقبالٍ لها صددا
أريتها " الألفَ " فاستضْرَتْ شهيتُها
تخالُها، ألفَ ألفٍ، ضوعفت عددا (1)
وأنّ لي كنزَ قارونٍ وأنّ لها
من إرثِهِ ما يُصيب الأهلَ والولدا
من بعد ما كانتِ العشرونَ تبهَرُها
تكاد تخطَفُ منها الروح والجسدا
* * *
أَفسدْتَ " مَيكي " ومَيكي وردةٌ قُطِفَتْ
من جنة الخُلْدِ إذ رضوانُها هجدا
كأنّ عُرْيَتَها في جُنْحِ داجيةٍ
عُرْيُ الصباح على خُضْرِ الحقول بدا
كأنَّ رَوْحَ نسيمٍ في تنفّسها
يَهُبُّ من ليلِ داريّا على بردى
* * *
هلُمَّ أَصْلِحْ رعاكَ اللهُ ما فسدا
وخلِّها تنجزِ الوعدَ الذي وُعدا
لَفِّقْ لها من كذوبِ القولِ أعذبَه
تَجِدْ له في قلوب الغانياتِ صدى
أَقْسِمْ لها إنها عَشْرٌ أَضفتَ لها
صِفْرينِ تبغى بذاك المزحَ والفَنَدا (2)
أو أنها وَرَقٌ لَوَّنْتَهُ فغدا
كأنّه الوَرِقُ النَّقْدُ الذي انتُقِدا (3)
أو أنّها راودت في يقظةٍ حُلُماً
حتى إذا مسَّحت أجفانَها طُرِدا
أقسم لها أنه لو كان يملكها
لمات من فَرَح أو جُنَّ فارتعدا
لا يعرف " الأَلْفَ " إلا في مصائبه ..
أو الخصوم .. أو المرّ الذي حصدا (4)
لكنه يملك الدنيا بعاطفة
جيّاشةٍ وفؤاد يُلْهِبُ الجَمَدا (5)
وإن حظَّكِ من هذا وذا نَصَفٌ
في بعضه ما يُثيرُ الحِقْدَ والحسدا
ظلِّي – سلمتِ – له ظلاً يلوذُ به
ينسى بيومِكِ أمساً غابراً وغدا
وأَسلميه كنوزاً منكِ عامرةً
فإن في الحب كنزاً عامراً أبدا
ولا تخالي فروقَ العُمْرِ حائلةً
فكم شأى في " الفتون " الوالدُ الولدا (6)
سبعٌ وعشرٌ وسبعونٌ إذا اجتمعا
كنَّ: الصِّبا والنُّهى واللُّطْفَ والرَّشدا (7)
إن تَسْلَما يَنْمُ غرسُ الفنِّ بينكما
ومن يمت منكما يوماً فقد خَلَدا
قطّر لها ما يُذيبُ النحلُ من شَهَدٍ
فإن في الحرف زهراً يجمع الشَهَدا
أولا فحتفُكَ في كفي وطوعُ فمي
فإن في الحرف سماً يقتُلُ الأَسَدا
|
(1) استضرت: اشتدت.
(2) الفَنَد محركة: الكذب.
(3) الورِق بكسر الراء: الفضة.
(4) الألف: يريد الألف من النقد.
(5) الجمد: الثلج.
(6) شأى: غلب.
(7) سبع وعشر: عمرها، وسبعون عمره.
المصدر : ديوان الجواهري-الجزء السادس-الجمهورية العراقية-وزارة الاعلام-دار الحرية للطباعة -بغداد 1977م