أجب أيُّها القلب .

تحلَّبَ أقوامٌ ضُرُوعً المنافِع
ورحتُ بوسقٍ من " ديبٍ" و "بارع"

وعَلَّلتُ أطفالي بَشرِّ تعلِّةٍ
خُلودِ أبيهم في بُطونِ المجامع

وراجعتُ أشعاري سِِجَّلاً فلم أجِدْ
بهِ غيرَ ما يُودي بِحِلْمِ المُراجِع

ومُسْتَنْكرٍ شَيْباً قُبيلَ أوانهِ
أقولُ له : هذا غبارُ الوقائع

طرحتُ عصا التِّرحالِ واعتَضتُ متْعباً
حياةَ المُجاري عن حياةِ المُقارِع

وتابَعْتُ أبْقَى الحالَتْينِ لمُهجتي
وإنْ لم تَقُمْ كلْتاهُما بِمطامعي

ووُقِّيتُ بالجبنِ المكارِهَ والأذى
ومَنْجى عتيقِ الجُبن كرُّ المَصارِع

رأيتُ بعيني حينَ كَذَّبْتُ مَسْمَعي
سماتِ الجُدودِ في الحدود الضَّوارع

وأمعنتُ بحثاً عن أكفٍُّ كثيرةٍ
فألفيتُ أعلاهُنَّ كَفَّ المُبايع

* * *

نأتْ بي قُرونٌ عن زُهيرٍ وردَّني
على الرُّغمِ منّي عِلْمُهُ بالطبائع (1)

أنا اليومَ إذ صانعتُ ، أحسنُ حالةً
وأُحدوثةً منّي كغير مصانع

خَبَتْ جذوةٌ لا ألهبَ اللهُ نارَها
إذا كانَ حتماً أنْ تَقَضَّ مضاجعي

بلى وشكرتُ العْمرَ أنْ مُدَّ حَبْلُه
إلى أنْ حباني مُهلةً للتراجُع

وألْفَيتُني إذ علَّ قومٌ وأنهلوا
حريصاً على سُؤرِ الحياةِ المُنازَع

تمنَّيتُ مَنْ قاسَتْ عناء تطامُحي
تعودُ لِتَهْنا في رَخاءِ تواضعي (2)

فانَّ الذي عانَتْ جرائرَهُ مَحَتْ
ضَراعتُهُ ذَنْبَ العزيزِ المُمانِع


(1) اشارة إلى بيت “زهير بن أبي سلمى” في معلقته المشهورة :
ومن لم يصانع في أمورٍ كثيرةٍ * يضرس بأنيابٍ ويوطأ بمنسمِ
(2) الضمير في “قاست” يعود إلى الفقيدة زوجته “أم فرات” .