أمين الريحاني .

قل إن سُئلتَ عن الجزيرة مُفصحاً
ما أشبهَ الأحفادَ بالأجداد 

ما حُوِّلت تلك الخيامُ ولا عَدَتْ
فينا على تلك الطباع عوادي 

نارُ القِرى مرفوعةٌ وبجنبها
نارُ الوغى مشبوبةُ الايقاد 

أبقيةَ السلف الكريم عجيبةٌ
ما غيرتكِ طوارئ الآباد 

ما لوَّثَتْ منك الحقائبُ مسحة
موروثةً لك قبلَ أعصر عاد (1)

ما للحوادث فاجأتكِ كأنها
كانت على وعد من الأوعاد (2)

نام "الرشيد" عن العراق وما درى
عن مصره فرعون ذو الأوتاد 

حالت عن العهد البلاد كأنها
لبست لفقدِهُمُ ثياب حِداد 

واستوحشت عرصاتُها ولقد تُرى
دارَ الُوفادة كعبة الوُفاد 

إذ مُلْكُها غض الشباب ، وروُضها
زاهي الطراز ، مفوف الأبراد 

وعلى الحِمى للوافدينَ تطلع
بتعاقب الاصدار والايراد 

أغرى بها الاعداءَ صيقلُ حسنها
وجنت عليها نَضْرةُ المرتاد 

فتساندوا بعد اختلاف مطامع
أن لا يقيمَ الشرقَ أيَّ سناد 

وإذا أردتَعلى الحياة دلائلا
لم تلق مثلَ تآلف الأضّداد

*  *  *

إن هزكمْ هذا الشعورُ فطالما
لانَ الحديدُ بضربة الحداد 

او تنكروا مني حماسة شاعر
فالقومُ قومي والبلاد بلادي 

عَجِلَتْ على وطني الخطوبُ فحتَّمت
ان لا يقَرَّ وسادهُ ووسادي


(1) لوثت : بدلت ، الحقائب : يريد السنين .
(2) الأوعاد به الوعود والجميع صحيح قياساً .