آه على تلكم السنين .

آه على تلكمُ السنينِ
إذ نحنُ منهنَّ في شؤون

وإذ وُلاةُ الأمورِ منّا
شرائِحُ اللحْمِ في الصُّحون

في كلِّ آنٍ إذا اشتهينا،
نُفدَى بعجلٍ منهم سمينِ

ما ان نبقّي فيه مدباً
للطعنِ من كثرةِ الطّعون

نَسبُّ " بيضَ " الأعناب منهم
و " السودَ " قطفا وفي الغصون

لا نتوارى نخافُ عينا
ولا نورّي خوف " الأذين " (26)

إذ كل مُستصعِر مريدٍ
يُمسخ في صاغرٍ مَهين (27)

* * *

آه على تلكمُ السنينِ
مبرءاتٍ من الظنون

مغفلاتٍ وَجَدن منا
أيَّ حريٍّ بها، قمين (28)

ذبنا بها معدنا خليصا
يُسبَكُ في معدنٍ ثمين

طيفٌ حبيبٌ رمتْ إلينا
به مرامي نوىً شطونِ (29)

ولمحُ وجهٍ يُثير فينا
نجوى خَدين إلى خدين

نحار، أن حوَّمتْ رؤاهُ
تهُزُّ مِنّا حبلَ الوتين (30)

أكان سحرا يُعمي عُيونا
أم نحن، غُفْلا ، بلا عيون ؟

وذكرياتٌ حلوٌ شجاها
وأي ذكرى بلا شجون (31)

يُطيل من عمرها تلظِّي
أسيان، في عمرِهِ سجينِ (32)

يرقبُ في غفوة وأخرى
غولا يُسمى " ريبَ المَنون " (33)

آه على تلكم السنين

براغ – أيلول 1976


(26) نوري من التورية أي لا نصرح. العين والأذين كلاهما بمعنى الجاسوس.
(27) المستصعر: المتصعر: المتكبر. المريد: المارد الجبار. والصاغر: الذليل.
(28) الحري والقمين: الجدير.
(29) النوى الشطون: البعاد البعيد.
(30) حبل الوتين: عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه.
(31) الشجا: ما اعترض في الحلق من عظم وغيره وهنا تفيد الأذى أو المرارة. والشجون: جمع شجن وهو الهم أو الحزن.
(32) التلظّي: التلهب والاشتعال. والأسيان: الحزين.
(33) في الجريدة ( ريبة وخوف ) مكان ( غفوة وأخرى ).