شسع لنعلك … كل موهبة .

سُبحانَ ربِّكَ كيف عَوَّضني
عن " حَوْملٍ " قفرٍ و " ملحوبِ " (12)

رَبْعاً أنيساً في ملاعبِهِ
ما شئتُ من لهوٍ وتطريبِ

مُتحاضنَيْنِ، وبيننا مُلَحٌ
من عاتبٍ صبٍّ، ومعتوبِ

نتبادلُ " اللّكمات " نحسَبُها
قبلاتِ محبوبٍ، ومحبوبِ (13)

* * *

يا سيّدَ " اللكمات " يَسْحَرُها
ذهَبَاً بِذِهْنٍ منهُ مَشبوبِ

نحنُ الرعيةُ .. عِشْتَ من مَلِكٍ
بِمَفاخِرِ " العَضَلاتِ " معصوبِ

زَنْدٌ بزندٍ .. والورى تَبَعٌ
لكما، وَعُرْقوبٌ بِعُرقوب (14)

مَرِّغْهُ.. مَزِّقْ ثوبَ سَحْنَتِهِ
رَقِّعْهُ من دَمِهِ بِشُؤبوبِ (15)

لَدِّغْه بالنَّغَزاتِ لاذعةً
ما لم يُلدِّغْ سُمُّ يعسوبِ (16)

سَلِمَتْ يداك… أأنت صُغْتَهما
أمْ صوغُ ربٍّ عنك محجوبِ

* * *

قل لي – أبيْتَ اللّعْن – مُمتَدَحاً
وَكَرُمْتَ عن لَوْمٍ وتثريبِ (17)

ألملهمونَ أأنتَ ترسُمُهُمْ
خَوَلاً من الشُّبّانِ والشِّيبِ ؟! (18)

خَدَماً " لقصرِكَ " صُنْعَ ساحرةٍ
ذي ألف سَقْفٍ فيه مَذهوبِ ؟!

ذي ألفِ " باطيةٍ " وساقيةٍ
وبألفِ رُعبوبٍ وَرُعْبُوبِ (19)

أمْ أنتَ تخشى أن تَعيثَ به
نزواتُ " مَرْعوصٍ " وَمَجْذوبِ (20)

* * *

" أمحمَّدٌ " والدهرُ مَلْحَمَةٌ
من غاصبٍ عاتٍ وَمَغْصوبِ

والناسُ ذُؤبانٌ تَضيقُ بها
أسلابُ تثقيفٍ، وتهذيبِ

لا يرتضونَ – لِفَرْطِ مَكْلَبةٍ –
وَثَبَات ذئبٍ غير مَكْلُوبِ

ويُصفِّقُونَ لِمحْرِبٍ شَرِسٍ
ويُبَصِّقونَ بوجهِ محروب (21)

يُذكي " الهِراشُ " حماسَهمْ طرَباً
لِدَمٍ بِعُرفِ الدِّيكِ مَسكوبِ (22)

وكأنّهُمْ يُسْقَوْنَ صافية
بنزيفِ رأسٍ منهُ مَنخوبِ (23)

و " الثَّوْرُ "، تصطخِبُ الجراحُ بهِ،
مدعاةُ تهليلٍ وترحيبِ

وكأنَّ مُرْتَكَزَ الرِّماحِ بهِ
نَغَمٌ بِعُودٍ منه مضروبِ

كُنْ حيثُ أنتَ تَجِئكَ صاغرةً
دُفَعُ اللُّهى، والزَّهْوِ، والطيبِ (24)

تَسعى لذي بَطَرٍ، وقد زُوِيَتْ
عن نابغٍ، أسيانَ، مغلوبِ

* * *

كم " عبقرياتٍ " مشتْ ضَرَماً
في جُنحِ داجي الجنْحِ غِربيبِ (25)

وتنفَّستْ رئةُ الحياةِ بها
من بَعْدِ تعبيسٍ، وتقطيبِ (26)

عاشتْ وماتتْ في حِمى جَشِبٍ
جاسٍ، شَتيمِ العيشِ مسبوبِ (27)

مَجْلودةً – تُولى أعنَّتُها –
بسياطِ ترغيبٍ، وترهيبِ:

بمرجّمين … نهارِ مُرْتَخَصٍ
وبليْلِ نابي الجنبِ، مرعوبِ (28)

حِجَجٌ مِئونٌ، دون شهقتِها
شَهَقاتُ مخنوقٍ، ومصلوبِ (29)

أعطتْ، وأغنتْ، وَاسْتُرِدَّ بها
أنفاسُ محزونٍ، ومكروبِ

ما عادلتْ أعشارَ " ثانيَةٍ "
عُمِرتْ بساحٍ مُوحشٍ مُوبي (30)

تلكَ " الملايينُ " التي سُحِبَتْ
سَحْبَ " المخاضةِ " عَبْرَ " أُنبوبِ "

نُثِرَتْ على قدميْنِ خُضِّبَتَا
بِدَمٍ لآخرَ منهُ مخضوبِ

* * *

يا أيُّها " العملاقُ " نَازَعَهُ
" قَزَمٌ " على سَبَبٍ، … وتسبيبِ

كم جاءَ دهرُكَ بالأعاجيبِ
من كلِّ مرفوضٍ ومشجوبِ

كم راغبٍ نَحّى، وَمُرْتَغَبٍ
وكم استعزَّ بِغيْرِ مرغوبِ

وكمِ اصطفى هَمَلاً بنادرةٍ
وكم ابتلى فَحْلاً بمجبوبِ (31)

* * *

شسْعٌ لنعلِكَ كلُّ موْهبةٍ
وَفِداءُ زندِكَ كلُّ موهوبِ


(12) ” حومل ” و ” ملحوب ” إشارة إلى معلقتي امرئ القيس وعبيد بن الأبرص.
(13) نتبادل اللكمات: في الجريدة نتناوب اللطمات.
(14) العُرقوب من الإنسان: ما ضمّ أسفل الساق والقدم.
(15) شؤبوب: الدُفعة من المطر.
(16) يعسوب: ذكر النحل.
(17) ” أبيت اللعن “: دعاء يخاطب به الملوك.
تثريب: تقريع.
(18) خَوَل: خدم.
(19) باطية: زق الخمر. رُعبوب: الناعمة البيضاء الحلوة.
(20) مرعوص: مهزوز ومنفوض.
(21) المحرب: الغانم السالب. محروب: مسلوب.
(22) الهراش: القتال.
(23) الصافية: الخمر.
(24) اللُّهى بالضم: جمع لهية وهي الأعطية.
(25) داجي الجنح: الليل المظلم. الغربيب: الشديد السواد.
(26) تنفست: في الجريدة تفتّحت.
(27) الجشب: الخشن الغليظ. الجاسي: الصُلْب.
(28) بمرجمين: الليل والنهار.
(29) مئون: جمع مئة.
(30) الموبي: الموبوء.
(31) الهمل: المهمل من الماشية.
والمجبوب: المقطوع المذاكير.