الريف الضاحك .

الريف الضاحك ..
* من خواطر الشاعر ايضاً في سفرته إلى ايران صيف 1924 .. قالها وهو يمر بمصائف "همدان" وأريافها .
* نشرت في مجلة "العرفان" الجزء السادس من المجلد العاشر في آذار 1925 بعنوان : "خواطر الشعر في فارس على العراق العجمي" .

كلُّ أقطارِكِ يا "فارسُ" رِيفُ
طابَ فصلاك : ربيعٌ وخريفٌ

لا عرَتْ أرضُكِ من لطفٍ فقد
ضَمِنَ الحسنَ لها جوٌ لطيف

يا رِياضاً زهَرَتْ في فارسٍ
شكرَتْكنَّ عُيونٌ وأُنوف

مثلَّما للقلبِ من حرِّ الجوي
رفَّةٌ للطيرِ فيكنَّ رفيف

* * *

ألشيءٍ غيرَ أنْ نقطِفَه
ثمراً غضّاً دنتْ منكِ القُطوف

نزلتْ ضيفاً بها أرواحُنا
فَقَرَتْها خيرَ ما تُقرى الضُّيوف

مِن جمال خُط معناهُ على
فارسٍ واختصَّتِ الأرضَ حروف

وخيَالٍ تُطربُ النفسَ به
هِزَّةُ الروضِ ويشجوها الحفيف

صَنعةٌ للفرسِ في الوشيِ ولا
مثلَ ما وشَّى بها الروضُ المفوف

لذَّ مشتاها فأنسانا بما
هزَّ منّا أنَّه لذَّ المصيف

ما لأكنافِ الرُّبى مبيضَّةً
أتُراها بُدِّلت منها الشُّفوف

أمْ هو الشيبُ دَهاها عَجباً
شيَّبت حتى الرُّبى هذى الصُّروف

إنما جلَّلها الثلجُ الذي
غُمِرتْ منه جبالٌ وكهوف

فارِسٌ أينَ وأُلافُ الصِّبا
أوَ هلْ يبقى على النأيِ أليف ؟

* * *

أمن الناسِ تُرجِّي صفوةً
عنكَ يا ناشدُ فالحيُّ خَلوف

لا تعُدْ تسلُكُ فيها قفرةً
فطريقُ الودِّ في الناسِ مَخوف

كلُّ هذا وهو يومٌ واحدٌ
كيف لو مرَّتْ مئاتٌ وألوف

قد تَناوَمنْا على رغمِ الكرى
لنراكمْ .. أفلا طيفٌ يطوف

سِمةٌ للشوقِ كانتْ سبباً
لسؤالِ الناسِ : مَنْ هذا النحيف؟

لا تقولوا وَحدةٌ تُوحِشُه
كيف يستوحشُ والشوقُ رديف

أيها الحَضْرُ وفي أبياتكم
أوجه تُفدى بما ضم النصيف

لم يفتها ترف الظل ولا
نال من أوراكها السير الوجيف (1)

حبذا حبُّكُمُ من معهدٍ
كم نما فيه أديب وظريف


(1) الوجيف : السريع .

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الأول-وزارة الاعلام العراقية/مديرية الثقافة العامة-مطبعة الأديب البغدادية 1973م