الأحاديث شجون .

حبذا فارسُ من مُستوطَنٍ
عافَه وخلاّه القَطين (2)

أفَهذا قصرُ "فَرهادِ" الذي
جمعته مع "شيرينَ" المَنون

مثَّلا للحبِّ دوراً طاهراً
لم يَشُبْ أثوابَه البيضَ مُجون

ليس منه غيرُ رسمٍ دارسٍ
مُخبرٍ أنَّ رَحى الدهرِ طَحون

أولا كسرى ولا أجنادهُ
خُلِّيَتْ منهم قِلاعٌ وحُصون

سلَفَت فيهم سنونٌ تَرفاً
واتَتهْم بالبَلِّيات سنون

وكذا الدهرُ على عاداتِه
إن صَفَا حِِينَ نبا والتاث حين

* * *

جدِّدي ذكرَ بِلادي إنَّني
يهواها أبدَ الدهرِ رَهين

انا لي دينان : دينٌ جامعٌ
وعراقي وغَرامي فيه دِين

القوافي أدُمُعٌ منظومةٌ
والأناشيدُ بُكاءٌ وحَنين

كيف لا تُحزنكُم أُهزوجةٌ
كانَ من اوتارها القلبُ الحزين

* * *

اكسُ ياربِ بلادي رحمةً
وحناناً مثلما يُكسَى الجنين

امحُ عنها ذُلَّ ارهاقِ العِدى
أنها ما عُوِّدَت عاراً يَشين

يا مُدانينَ اضاعُوا وطناً
هو للحشرِ بمن فيه مدين

اين كانَ الوطنُ المحبوبُ إذْ
قَلَّتِ الزينةُ مالٌ وبَنون

ليسَ يخفَى أمركُم من بعِدما
قَلِّبَت منه ظُهور وبُطون

كم يُروى منفوخةً أوداجُهُ
من نِعاجٍ هُزِلَتْ ، ذئبٌ سمين

* * *

تَبخَس الأوطان ظلماً حقَها
ثم لا يُسترخَصُ العمرُ الثمين

هذه بغدادُ ، هذا كرخُها
هذه دجلةُ والماءُ المَعين

هذه الدورُ التي شيَّدها
للسَمَا "مستنصرٌ" أو "مستعين"

كلها تُصبحُ إرثاً ضائعاً
ليَنُح "هارونُ" وليبكِ "الأمين"

ليس تنفكُّ بلادي كلُّها
يَبَسٌ أو كلُّها ماءٌ وطين

دجلةٌ والنيلُ والشامُ معاً
و"الصَّفا" تندُبُ شجواً و"الحَجون"

قُطِّعَتْ أوصالُها ، وافترقتْ
فشِمالٌ ليس تدري ويَمين


(2) القطين : الساكنون.