الغضب الخلاّق ..
من مَوْطنِ الثلْجِ …
* ألقاها الشاعر في الحفل التكريم المهيب الذي أقيم في "عدن" عاصمة جمهورية اليمن الديمقراطية آنذاك والتي قدم إليها الشاعر من "براغ" عاصمة التشيك تلبية لدعوة رسمية من رئيس الجمهورية .
* نشرت في مجلة "الثورة" العدنية بتاريخ 1982/3/6م .
مِنْ مَوْطِنِ الثّلْجِ زَحّافاً إلى عَدَنِ
![]() خَبّتْ بِيَ الرَّيحُ في مُهْرٍ بِلا رَسَنِ (1)
![]() كَأْسِي عَلَى صَهْوَةٍ مِنْهُ يُصَفِّقُها
![]() مَا قَيّضَ الله لِي مِنْ خَلْقِهِ الحَسَنِ (2)
![]() مِنْ مَوْطِنِ الثّلْجِ . مِنْ خُضْرِ العُيُونِ بِهِ
![]() لِمَوْطِنِ السِّحْرِ مِنْ سَمْرَاءِ ذي يَزَنِ
![]() مِنْ كُلِّ مُلْتَفّةِ الكَشْحَيْنِ نَاعِمَةٍ
![]() مَيّادَةٍ مِثْلِ غُصْنِ البَانَةِ الَلدِنِ (3)
![]() * * *
![]() يَا لَلتّصَابِي .. أَلاَ يَنْفَكُّ يَسْحَبُنِي
![]() عَلَى الثّمانِينَ سَحْبَ النُّوقِ بِالعَطَنِ (4)
![]() قَالْوا : أَمَا تَنْتَشِي إلاّ عَلَى خَطَرٍ
![]() فَقُلتُ : ذَلِكَ مِنْ لَهْوي ، ومِنْ دَدَنِي (5)
![]() سُبْحَانَ مَنْ ألّفَ الضِّدَّيْنِ فِي خَلَدي
![]() فَرْطَ الشّجَاعَةِ فِي فَرْطٍ مِنَ الجُبُنِ
![]() لا أتّقي خَزَراتِ "الذِّئْبِ" تَرْصُدُني
![]() وأتّقِي نَظَراتِ "الأَدْعَجِ" الشّدِنِ (6)
![]() * * *
![]() خَبّتْ بِي الرِّيحُ .. فِي إيمَاضِ بَارِقَةً
![]() تُلْغِي مَسَافَةَ بَيْنَ العَيْنِ والأُذُنِ
![]() لَمْ أدْرِهَا زَمَناً تُطْوَى مَرَاحِلُهُ
![]() أمْ أنّها عَثَرَاتُ العُمْرِ بِالزَّمَنِ
![]() وَاللهِ مَابَعُدَتْ دَارٌ ، وإِنْ بَعُدَتْ
![]() مَا أقْرَبَ الشّوْطَ مِنْ أَهْلِي ومِنْ سَكَنِي
![]() * * *
![]() وَيَا شَبَاباً أَحَلّتْنِي مُرُؤَتُهُمْ
![]() فِي أيِّ مُحْتَضِنِ مِنْ أَيِّ مُحْتَضَنِ
![]() لا يَبْلُغُ الشُّكْرُ مَا تُسْدُونَ مِنْ كَرَمٍ
![]() ولا يُوَفِّي بَيَانِي سَابِغَ المِنَنِ
![]() أَتَيْتَكُمْ وَمَتَاعِي فَيْضُ عَاطِفَةٍ
![]() بِهَا يُثَارُ جَنَانُ الأفْوَهِ اللّسِنِ
![]() أُلقي عَلَيْكُمْ بِمَا أنْتُمْ أحَقُّ بِهِ
![]() مِمَا يُنَفِّسُ عَنْ شَجْوٍ وَعَنْ حَزَنِ
![]() وَنَاقِلُ التّمْرِ عَنْ جَهْلٍ إلَى "هَجَرٍ"
![]() كَنَاقِلِ الشِّعْرِ مَوْشِيّاً إلَى "اليَمَنِ"
![]() * * *
![]() وَيَا أَحِبّايَ صَفْحَاً عَنْ مُكَابَرةٍ
![]() مِنْ مُلْهَمٍ بِغُرُورِ النّفْسِ مُرْتَهَنِ
![]() يُزْهَاهَ .. أَنْ قَوَافِيهِِ مُنْشَرَةٌ
![]() يَشَّدُو الْحُدَاةُ بِهَا فِي الْحِلِّ وَالضَّعَنِ (7)
![]() إِنِّي وإِنْ كَانَ جَرَّسُ الكَأْسِ يَسْحَرُنِي
![]() وَيّمْتَرِي سَمَرُ السُّمَّارِ مِنْ شَجْنِ
![]() لَتسْتَجِمُ عَلَى الضَّرَاءِ خَاطِرَتِي
![]() كَأْنَهَا نَشّوَةُ الْعَيَنَينِ بِالْوَسَنِ (8)
![]() وَيَسْتَبِدُّ بِنَفْسِي وَهْيَ حَالِمَةٌ
![]() مِنْ كِبْرِيَاءِ الْقَوَافِي زَهْوُ مُفْتَتِنِ
![]() مَا أرْخَصَ المَوْتَ عِنْدي إذْ يَنِدُّ فَمِي
![]() بِمَا تَحُوكُ بَنَاتُ الشّعْرِ مِنْ كَفَنِي
![]() وَمَا أَرَقَّ اللّيالِي وَهْيَ تُسْلِمُنِي
![]() يَوْمَ القِرَاعِ لِظَهْرِ المَرْكَبِ الخَشِنِ
![]() حَسِبْتُنِي وعُقابُ الجَوِّ يَصْعَدُ بِي
![]() إلَى السّمَاواتِ ، مَحْمولاً إلَى وَطَنِي
![]() مَا أقْرَبَ الشّمْسَ مِني ، غَيْرَ أنَّ دَمِي
![]() مَا إنْ يُصَلِّي لِغَيْرِ الشّعْرِ مِنْ وَثَنِ
![]() وَخِلْتُنِي وَالنْجُومُ الزُّهْرُ طَوْعُ يَدِي
![]() عَنْهُنَّ فِيمَا أصُوغُ النّيِّراتِ غَنِي
![]() أقُولُ والشّيْبُ يَحْدُونِي ، يُصَارِعُهُ
![]() حُبُّ الحَيَاةِ ، وَمَا فِيها مِنَ الفِتَنِ
![]() رِجْلاَنِ لِي يَحْمِلانِ "الشِّعْرَ" خَاتِمَةً
![]() وَيَسْعَيانِ إلَى الأخْرَى عَلَى وَهَنِ
![]() "مِنْ مَوْطِنِ الثّلْجِ" زَحّافاً ، إلَى .. "عَدَنِ"
![]() خَبّتْ بِي الرِّيحُ فِي مُهْرٍ بِلا رَسَنِ
![]() |
(1) خبت : الخبب السرعة في الجري.
(2) يصفقها : يملؤها أو يصفيها.
(3) ملتفة الكشحين : الكشح من الإنسان خاصرته إلى الأضلاع . ميادة : مائلة دلالاً . اللدن : الناعم الطري.
(4) العطن : مبرك الأبل ومراحها.
(5) الددن : اللهو واللعب مثل الدد.
(6) الخزرات : النظرات الحادة وهي أن يضيق الرجل جفنه ليحدد النظر . الأدعج : من الدعج وهو سعة العيون مع الجمال فيها . الشدن : الشادن هو الغزال .
(7) الحداة : الغناء بالشعر أثناء سفر القوافل قديماً.
(8) الشطر الأول ذكر في الديوان (تغفو على الخطر الملتف خاطرتي) الوسن : أول النوم.
المصدر : تسجيلات صوتية للشاعر .