بكرت جلق

بكرت جلق …
* ألقى الشاعر قسماً منها في المظاهرات التي انطلقت في دمشق احتجاجاً على لجوء المستعمرين الفرنسيين بإرغام الطائرة التي كانت تقل ( بن بلة ) ورفاقه، على الهبوط، واقتادتهم إلى سجون فرنسا، وذلك عام 1957.
* نشرت ، غير كاملة ، في مجلة " الجندي " السورية، ووعدت بنشرها كاملة وقدمتها:
" في غمرة مظاهرات دمشق، ومن وحي انتفاضة الأمة العربية كلها على خسة الاستعمار الفرنسي وغدره، قال شاعرنا الجواهري قصيدته هذه ".

رنَّ في القلب فهزَّ السمعا
إنّه داعي المروءاتِ دعا

بَكَرَتْ " جِلّقُ " ترمي كِسَفاً
من أواذيها وتُزْجي دُفَعا

الشبابُ الحيُّ ما أعظمه
دافعاً شيبَ الحمى مُندفِعا

والجموعُ الحمسُ ما أغضَبها
وهي في غضبتها ما أروعا

أمةٌ سوف تُرِي خالقها
أنّها قد خُلقَتْ كي تُبدِعا

تصنع المعجزَ شتَّى أمرُها
كيف لو حُمَّ لها أنْ تجمعا

عصف الوعي بها فاندفعت
وصحا الكونُ على كونٍ وعى

من مرير الجدِّ شعَّت ما حلا
ومن الضُرِّ أتت ما نفعا

وبأشلاء الضحايا باركتْ
دمناً طابت بها مزدرعا

زحف الشرقُ إلى الغرب بها
وارتمى الأدنى على الأقصى معا

قوة الحق كآراد الضحى
من ترى يمنعها أن تسطعا (1)

* * *

"جزر المغرب" يا أسطورةً
تُلبسُ الأهوالَ لوناً ممتعا (2)

الأذى تدفع عنه بالردى
طابَ أسلوباً لها مبتدعا

وعلى مُشْتَجرٍ من أسَلٍ
تصلبُ الخوفَ اغتلى والهلعا

تصنع الثورة في أتّونها
فكرة تأنف أن تُصْطَنعا

من نُفوسٍ ذُبنَ في حُبِّ الحِمى
فتساقطن عليه قطعا

تكتُب التاريخَ لا تدري لها
غير أسفار الضحايا مرجعا

وقَع الموتُ عليها فرأى
"هولة" أخشن منه موقعا

ثم اغرته بلحم ودمٍ
ثم حالت دونه أنْ يرجِعا

ثم شبَّا في حِمى الضُرِّ معا
توأماً من محض ثديٍ رضعا

الهُداةُ الغرُّ من لون الدِّما
فجَّروا للشمس منها مطلِعَا

والرؤى تصبغُها من لونها
عضلاً قفراً وقلباً مُمرِعا

جهِلَ الصنعةَ نِكْس أبلهٌ
سرق البابَ وعافَ المصنعا (3)

* * *

خمسةٌ.. إنَّ بطوناً حملت
ثِقلهم ما عُقِمت أن تضعا

حَمُقَ الغدرُ أيثني ساعِداً
عن كفاح فَقدُ كفٍّ أصبعا

خمسةٌ.. غصَّتْ "فرنسا" بِهُمُ
نِعمَ عُقبَى خسةٍ مرتجعا

لم أجد أروع من مصطرع
الخير والشر إذا ما اصطرعا

أرأيت الدهرَ ضيما دفعا
أم بغير الدم حقاً رجعا


(1) آراد الضحى: جمع رأد وهو مرتفع الضحى.
(2) ” جزر المغرب” يعني ” الجزائر “.
(3) النكس: المقصر عن غاية الكرم.

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء السابع-الجمهورية العراقية-وزارة الاعلام-دار الحرية للطباعة -بغداد 1980م