في ذكرى غاندي ..
* ألقيت في احتفال الصلاة التذكارية الذي أقامته السفارة الهندية في بغداد لغاندي، مساء يوم 30 كانون الثاني 1960.
* نشرت في جريدة " الرأي العام " العدد 352 في 1 شباط 1960.
سيدي أنت أيها الحق والعزةُ
![]() والفخرُ والندى والعَلاءُ
![]() ذُريَتْ في الهواء ملكاً مشاعاً
![]() يتساوى فيها الثرى والفضاء
![]() كلُ ما نستطيعهُ لكَ حبٌ
![]() وخشوع ووقفة وانحناء
![]() واعتبار المحسنين وإذ يَحسُن
![]() صنعٌ وإذ يُساءُ جزاء
![]() يا لصوقاً بالأرض وهو وإيا
![]() ها انطراحٌ ونعمة ونَماء
![]() يا وديعاً لوى من الأسد المكلوب
![]() ذيلا فقر منه العُواء (1)
![]() يا شُعاعاً من النبوة تستهدي
![]() به الأرض أرسلته السماء
![]() يا سليل الفجرين بوذا وكونفشيوسَ
![]() منه سناهما يُستضاء
![]() يا رحيماً لمَّ القلوبَ على جمرة
![]() حُبٍّ فذابت الشحناء
![]() والتقت أمة تفُل سلاح البغي
![]() وهو الوديعةُ العزلاء
![]() يا زعيماً آخى الصعاليكَ
![]() والتمت عليه تحوزه الفقراء
![]() يا هتوفاً بالبشر لم تُخْرِس
![]() الضحكةَ منه بليَّةٌ وعناء
![]() أيها الكوكبُ الذي انحسرت عنه
![]() من البؤس هالةٌ غبراء
![]() والتوى السيف وانزوى العنفُ وانفكّت
![]() رقابٌ ولم تُطَلَّ دماء (2)
![]() قلتَ كوني شيئا مئاتِ الملايينِ
![]() فكانت، وخير شيء يُشاء
![]() نَبتتْ في مجاهل البؤسِ والذلةِ
![]() في الشرق واحةٌ غنّاء
![]() وارتوتْ بالندى ندى الخير والرحمة
![]() والعز تربةٌ جرداء
![]() ثم نادت " دلهي " " بكينَ " فلبتها
![]() وردَّ النداءَ منها النداء
![]() ثم دوَّت هنا ولمّا تُصمّ السمعَ
![]() في الشرق زاحفاً اصداء
![]() لستَ بالساحر العجيب كما قالوا
![]() ولكن إرداةٌ وَمَضَاء
![]() وكفيلٌ بالمعجزات ضميرٌ
![]() ونقاء وجوهرٌ وصفاء
![]() لستَ بالساحر العجيبِ ولكن
![]() قَدَرٌ حان وعدهُ وقضاء
![]() كنتَ فيه ضميرَ تلك الملايينِ
![]() أفاقت وانزاح عنها الغشاء
![]() وأمينا على رسالتها الكبرى
![]() وقد حان فرضُها والأداء
![]() يا مليحاً صدراً يفاخر بالمكنون
![]() منه ضميرُه الوضّاء
![]() صان غاندي دمَ الجموع وصانَ
![]() الهند أنْ تستبيحَها شعواء (3)
![]() وحمى الطيرَ والسوامَ من الذبح
![]() وقامت شريعةٌ سمحاء
![]() أفَمحرابُه تسيل عليه
![]() بقع من دمائه حمراء
![]() أيها الشرق لم تزل بك أهواءٌ
![]() تعاصت ولم تزل أدواء
![]() وسلامٌ على النبي أمدته
![]() بروح من عندها الأنبياء
![]() |
(1) الأسد المكلوب: بريطانيا.
(2) تطل: تُهدر.
(3) شعواء: حرب.
المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الخامس-وزارة الاعلام العراقية/مديرية الثقافة العامة-مطبعة الأديب البغدادية 1975م