عَانَى لَظَى الحُبِّ "بَشَّارٌ" وَعُصْبَتُهُ
![]() فَهَلْ سِوَى أَنَّهُمْ كَانُوا لَهُ حَطَبَا
![]() وَهَلْ سِوَى أَنَّهُمْ رَاحُوا وَقَدْ نَذَرُوا
![]() لِلْحُبِّ مَا لَمْ يَجِبْ مِنْهُمْ وَمَا وَجَبَا
![]() هَلْ كُنْتَ تَخْلُدُ إِذْ ذَابُوا وَإذْ غَبَرُوا
![]() لَوْ لَمْ تَرُضْ مِنْ جِمَاحِ النَّفْسِ مَا صَعُبَا
![]() تَأْبَى انْحِلالاً رِسَالاتٌ مُقَدَّسَةٌ
![]() جَاءَتْ تُقَوِّمُ هَذَا العَالَمَ الخَرِبَا
![]() يَا حَافِرَ النَّبْعِ مَزْهُوَّاً بِقُوَّتِهِ
![]() وَنَاصِرَاً في مَجَالِي ضَعْفِهِ الغَرَبَا(19)
![]() وَشَاجِبَ الْمَوْتِ مِنْ هَذَا بِأَسْهُمِهِ
![]() وَمُسْتَمِنَّاً لِهَذَا ظِلَّهُ الرَّحِبَا
![]() وَمُحْرِجَ المُوسِرِ الطَّاغِي بِنِعْمَتِهِ
![]() أَنْ يُشْرِكَ الْمُعْسِرَ الخَاوي بِمَا نَهَبَا
![]() والتَّاج إِذْ تَتَحَدَّى رَأْسَ حَامِلِهِ
![]() بِأَيِّ حَقٍّ وَإِجْمَاعٍ بِه اعْتَصَبَا
![]() * * *
![]() وَهَؤُلاء الدُّعَاةُ العَاكِفُونَ عَلَى
![]() أَوْهَامِهِمْ، صَنَمَاً يُهْدُونَهُ القُرَبَا(20)
![]() الحَابِطُونَ حَيَاةَ النَّاسِ قَدْ مَسَخُوا
![]() مَا سَنَّ شَرْعٌ وَمَا بِالفِطْرَةِ اكْتُسِبَا
![]() وَالفَاتِلُونَ عَثَانِينَاً مُهَرَّأَةً
![]() سَاءَتْ لِمُحْتَطِبٍ مَرْعَىً وَمُحْتَطَبَا(21)
![]() وَالْمُلْصِقُونَ بِعَرْشِ اللهِ مَا نَسَجَتْ
![]() أَطْمَاعُهُمْ : بِدَعَ الأَهْوَاءِ وَالرِّيَبَا
![]() وَالْحَاكِمُونَ بِمَا تُوحِي مَطَامِعُهُمْ
![]() مُؤَوِّلِينَ عَلَيْهَا الجِدَّ وَاللَّعِبَا
![]() عَلَى الجُلُودِ مِنَ التَّدْلِيسِ مَدْرَعَةٌ
![]() وَفِي العُيُونِ بَرِيقٌ يَخْطَفُ الذَّهَبَا
![]() مَا كَانَ أَيُّ ضَلالٍ جَالِباً أَبَدَاً
![]() هَذَا الشَّقَاء الذِي بِاسْمِ الهُدَى جُلِبَا
![]() أَوْسَعْتَهُمْ قَارِصَاتِ النَّقْدِ لاذِعَةً
![]() وَقُلْتَ فِيهِمْ مَقَالاً صَادِقَاً عَجبَا
![]() "صَاحَ الغُرَابُ وَصَاحَ الشَّيْخُ فَالْتَبَسَتْ
![]() مَسَالِكُ الأَمْرِ : أَيٌّ مُنْهُمَا نَعَبَا"
![]() أَجْلَلْتُ فِيكَ مِنَ المِيزَاتِ خَالِدَةً
![]() حُرِّيَّةَ الفِكْرِ وَالحِرْمَانَ وَالغَضَبَا
![]() مَجْمُوعَةً قَدْ وَجَدْنَاهُنَّ مُفْرَدَةً
![]() لَدَى سِوَاكَ فَمَا أَغْنَيْنَنَا أَرَبَا
![]() فُرُبَّ ثَاقِبِ رَأْيِ حَطَّ فِكْرَتَهُ
![]() غُنْمٌ فَسَفَّ .. وَغَطَّى نُورَهَا فَخَبَا
![]() وَأَثْقَلَتْ مُتَعُ الدُّنْيَا قَوَادِمَهُ
![]() فَمَا ارْتَقَى صُعُدَاً حَتَّى ادَّنَى صَبَبَا
![]() بَدَا لَهُ الحَقُّ عُرْيَانَاً فَلَمْ يَرَهُ
![]() وَلاحَ مَقْتَلُ ذِي بَغْيٍ فَمَا ضَرَبَا
![]() وَإِنْ صَدَقْتُ فَمَا فِي النَّاسِ مُرْتَكِبَاً
![]() مِثْلُ الأَدِيبِ أَعَانَ الجَوْرَ فَارْتكبَا
![]() هَذَا اليَرَاعُ، شوَاظُ الحَقِّ أَرْهَفَهُ
![]() سَيْفَاً، وَخَانِعُ رَأْيٍ رَدَّهُ خَشَبَا
![]() وَرُبَّ رَاضٍ مِنَ الحِرْمَانِ قِسْمَتهُ
![]() فَبَرَّرَ الصَّبْرَ وَالحِرْمَانَ وَالسَّغَبَا
![]() أَرْضَى، وَإِنْ لَمْ يَشَأْ، أَطْمَاحَ طَاغِيَةٍ
![]() وَحَالَ دُونَ سَوَادِ الشَّعْبِ أَنْ يَثِبَا
![]() وَعَوَّضَ النَّاسَ عَنْ ذُلٍّ وَمَتْرَبَةٍ
![]() مِنَ القَنَاعَةِ كَنْزَاً مَائِجَاً ذَهَبَا
![]() جَيْشٌ مِنَ الُْمُثُلِ الدُّنْيَا يَمُدُّبِهِ
![]() ذَوُو الْمَوَاهِبِ جَيْشَ القُوَّةِ اللَّجَبَا
![]() * * *
![]() آمَنْتُ بِالله وَالنُّورِ الذِي رِسَمَتْ
![]() بِهِ الشَّرَائِعُ غُرَّاً مَنْهَجَاً لَحِبَا
![]() وُصْنْتُ كُلَّ دُعَاةِ الحَقِّ عَنْ زِيَغٍ
![]() وَالْمُصْلِحِينَ الهُدَاةَ، العُجْمَ وَالعَرَبَا
![]() وَقَدْ حَمِدْتُ شَفِيعَاً لِي عَلَى رَشَدِيَ
![]() أُمّاَ وَجَدْتُ عَلَى الإِسْلامِ لِي وَأَبَا
![]() لَكِنَّ بِي جَنَفَاً عَنْ وَعْيِ فَلْسَفَةٍ
![]() تَقْضِي بِأَنَّ البَرَايَا صُنِّفَتْ رُتَبَا(22)
![]() وَأَنَّ مِنْ حِكْمَةٍ أَنْ يَجْتَبَي الرُّطَبَا
![]() فَرْدٌ بِجَهْدِ أُلُوفٍ تَعْلِكُ الكَرَبَا(23)
![]() |
(19) – النبع : شجر يعرف بقوته وتتخذ منه السهام والقسيّ، والغرب: شجر معروف بسهولة انكساره، ومعنى البيت؛ الإشارة إلى شجب المعرّي القوة بكل مظاهرها، واحتضانه الضعفاء من كلّ جنس.
(20) – يريد بهم المشعوذين باسم الدين، والذين يروجون للبدع والخرافات، ويضيقون آفاق الحياة على الجماهير.
(21) – العثانين : جمع عُثنون: اللحية.
(22) – الجنف : الميل والانحراف.
(23) – الكرب : أصول سعف النخل.