الأوباش .

تكون وقاحةٌ فيود مرءٌ
لو أنَّ مكانَها كانَ الحياء

فإن وُجِدَ الحياءُ سطا عليه
فسخَرةُ أناسٌ أذكياء

مزاحمةًً كأنَ دهاءَ مرءٍ
وطِيبةَ نفسهِ ذئبٌ وشاء

وكلُّ محسِّنينِ إذا استتمّا
فخيرُهما لشرِّهما الفداء

وإنَّ أشرَّ ما يلقى أريبٌ
وأوجعَ ما يَحار به الدَّهاء

نفوسٌ هدَّها شرفٌ ونبلٌ
وأرهقها التمنُّعُ والإِباء

وقد عاشت إلى الأوباشِ تُعزى
وماتتْ وهي مُعدَمةٌ خَلاء

وأُخرى في المخازي راكساتٌ
كأصدق ما يكونُ الأدنياء

مشتْ بالناسِ رافعةً رؤوساً
تنصِّبُها كما رُفعَ اللواء

فلا الأرضونَ قد خُسِفت بهذي
ولا هذي أغاثتها السماء

* * *

أتعرف من هم الأوباشُ "زَولا"
يُريكهمُ كأحسنِ ما يُراء

يُريكهمُ أُناساً لم يُلَصِّقْ
بهم غدرٌ ولم يُنكر وفاء

تطيحُ بيوتُهم حِفظاً لبيتٍ
يضمُّهم – وصاحبَه- الإخاء

* * *

أتعرفُ "لانتييهِ" وما أتاهُ
من الشرفِ الذي فيه بلاء

وهل شرفٌ بلا نكَدِ وُضرٍّ
يُتمِّم خِلقةَ الشرف العناء

تولَّت "لانتييهِ" يدُ الرزايا
وأنشبَ فيهِ مخلَبه "القضاء"

قضاءُ الله قلتُ .. وإنْ تُرِدْه
قضاء حكومةٍ فهما سواء

ودَهْورَه الوفاءُ ونعمَ عقبى
الصداقةِ أنْ يدهوركَ الوفاء !

ومنْ يذهبْ بثروتهِ ضمانٌ
لصاحبهِ فقد حسُنَ الجزاء .!

* * *

وقامتْ صيحةٌ من كلِّ بابٍ
تراجَعْ "لانتييهِ" فلا نجاء

ستعلمُ أينَ أهلُ المرء عنه
وأخوتُه ؛ إذا ذهبَ الثراء

وقد صدَقوا فأينَّ يديكَ تهزا
على رجليكَ إنْ نضبَ الرخاء

وقد كذِبوا . ف "بايارٌ" لديه
وكانَ له ب"بايار" العزاء 

وكلُّ الناسِ من قاصٍ ودانٍ
لِمن واساكَ في ضيقٍ فداء 

فجاءَ يَزين موقفَه لسانٌ
كحدِّ السيفِ أرهفه المُضاء 

محاماةً مشرِّفةً وليستْ
محاماةً يُرادُ بها الرِّياء : 

صديقٌ ضامنٌ نجَّتْ صديقاً
ضمانتُه وقد عزَّ الأداء 

وليسَ بمُنكرٍ دفعاً ولكنْ
مُقاسَطةً يحتِّمها اقتضاء 

"فلانتييةٌ" له شرفٌ وجاهٌ
وأطفالٌ وأهلٌ أبرياء 

ومعملُه تعيشُ بهِ مئاتٌ
سيُعوزِهُم – إذا سُدَّ – الغذاء 

ولكنَّ "القضاء" أجلُّ مِن أنْ
يُصدِّقُ ما يقولُ الأصدقاء 

فأصبح "لانتييه" وكلُّ ما في
يديهِ من نَثا الدُّنيا جُفاء 

* * *

وبينا "لانتييه" يفيضُ بؤساً
ويطفحُ بالشقاءِ له إناء 

إذا "بالعدل" يكبِسهُ ، لماذا ؟
لانَّ العدلَ يكبس من يشاء ..! 

لأن "العدل" يُشغِلُه أناسٌ
همُ فوقَ "المنصَّةِ" أنبياء..! 

وهبْ ذهبت ضحايا "العدل" ظُلماً
نفوسٌ من تظنِّيه بُراء(1) 

فلا لومٌ عليهِ وإنْ تلوَّثْ
سياط ٌ فوقَهم أو فارَ ماء..! 

سيجلِدُهم إلى أنْ يُقنِعوه
بأنهم أناسٌ أبرياء..! 

فان هلكوا وخلْفَهمُ بيوتٌ
خوتْ من بعدهم فله البقاء!