سبيل الجماهير .

نظمت عام 1930.

لو أنَّ مقاليدَ الجَماهير في يدي
سَلَكتُ بأوطاني سبيلَ التمرُّدِ

إذن عَلِمَتْ أنْ لا حياةَ لأمّةٍ
تُحاولُ أن تَحيا بغير التجدُّد

لوِ الأمرُ في كَفِّي لجهَّزتُ قوّةً
تُعوِّدُ هذا الشعبَ ما لم يُعوَّد

لو الأمرُ في كفِّي لاعلنتُ ثورةً
على كلِّ هدّام بألفَي مشيِّد

على كُلِّ رجعيٍّ بألفَي منُاهضٍ
يُرى اليوم مستاءً فيبكي على الغد

ولكننَّي اسعَى بِرجلٍ مَؤوفةٍ
ويا ربَّما اسطو ولكنْ بلا يَد (1)

وحوليَ برّامونَ مَيْناً وكِذْبَةً
متى تَختَبرهُم لا تَرى غيرَ قُعدد (2)

لعمرُكَ ما التجديدُ في أن يرى الفَتى
يَروحُ كما يَهوَى خليعاً ويغتَذي

ولكنَّه بالفكر حُرّاً تزَينهُ
تَجاريبُ مثل الكوكَبِ المُتَوقِّد

* * *

مشَتْ اذ نضَتْ ثَوبَ الجُمود مواطنٌ
رأت طَرْحَهُ حَتماً فلم تَتردَّد

وقَرَّتْ على ضَيْم بلادي تسومُها
من الخَسف ما شاءَتْ يدُ المتعبِّد

فيا لك من شعبٍ بَطيئاً لخيرِه ِ
مَشَى وحثيثاً للعَمَى والتبلُّد

متى يُدْعَ للاصلاح يحرِنْ جِماحُه
وان قيد في حبل الدَجالةِ يَنْقد

* * *

زُرِ الساحةَ الغَبراء من كل منزلٍ
تجد ما يثير الهَمَّ من كلِّ مَرقد

تجد وَكرَ أوهامٍ ، وملقَى خُرافةٍ
وشَتّى شُجونٍ تَنتهي حيثُ تَبتدي

هم استسلموا فاستعبَدتْهم عوائدٌ
مَشت بِهمُ في الناس مشيَ المقيَّد

* * *

لعمْركَ في الشعب افتقارٌ لنهضةٍ
تُهيِّجُ منه كل اشأمَ أربد

فإمّا حياةٌ حرّةٌ مستقيمةٌ
تَليقُ بِشَعبٍ ذي كيان وسؤدُد

وإمّا مماتٌ ينتهَي الجهدُ عِندَهُ
فتُعذَرُ ، فاختر أيَّ ثَوْبيَك ترتدي

وإلا فلا يُرجى نهوضٌ لأمّةٍ
تقوم على هذا الأساس المهدَّد

وماذا تُرَجِّي من بلاد بشعرة
تُقاد ، وشَعب بالمضلِِّّين يَهتدى


(1) موؤفة : اصابتها آفة .
(2) القعدد : الجبان اللئيم القاعد عن المكارم .

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الثاني-وزارة الاعلام العراقية/مديرية الثقافة العامة-مطبعة الأديب البغدادية 1973م