أزح عن صدرك الزبدا .

* ألقى الشاعر قسماً منها في الحفل الذي أقامته جمعية الرابطة الأدبية في النجف مساء الخميس الثاني من تشرين الثاني عام 1975 على قاعة الاجتماعات لتكريمه بمناسبة منحه جائزة اللوتس. 
* نشر هذا القسم في مجلة " الرابطة " العدد الخامس من السنة الثانية، تشرين الثاني 1975. 
* أضاف إليها ونشرها في صورتها الأولى في الملحق الأسبوعي لجريدة " الجمهورية " العدد 2483 السبت 8 تشرين الثاني 1976. 
* ثم نشرت على صورتها الأخيرة في مجلة الديار اللبنانية، العدد 128 من 15-21 آذار 1976 بالعنوان نفسه. وقالت المجلة عنها : 
في هذه القصيدة نرى الشاعر ينتقد عصره المليء بالزيف والخداع وهو يسمو بنفسه متعالياً بكبرياء الشاعر. ناهيك بكبرياء مهدي الجواهري. إنها ضرب من الطموح إلى تجاوز النفس والآخرين، في محاولة اخترق للمستحيل. وهي كما يقول عنها الجواهري في رسالته: " آخر ما لدي، ومن أعز قصائدي إلي ".

أزحْ عن صدرِكَ الزَّبدا
ودعْهُ يبُثُّ ما وَجَدا (1)

وخلِّ حُطامَ مَوْجِدةٍ
تناثَرُ فوقَه قِصَدا (2)

ولا تحفِلْ فَشِقشِقَةٌ
مَشت لك أن تَجيشَ غدا (3)

ولا تكبِتْ فمِن حِقبٍ
ذممتَ الصبرَ والجلدا

* * *

أزحْ عن صدرِكَ الزَّبدا
وقلْ، تُعِدِ العُصورُ صدى

أأنت تخافُ من أحدٍ
أأنت مصانِعٌ أحدا

أتخشى الناسَ، أشجعُهُمْ
يخافُك مغضباً حَرِدا (4)

ولا يعلوكَ خيرُهم
ولستَ بخيرهم أبدا

ولكنْ كاشفٌ نَفساً
تُقيم بنفسِها الأودا (5)

كنسجِ الدرع واثقةً
بكون عُيوبِها الزَردا (6)

سيُطريها، إذا انتُقدت
مساوئها، من انتقدا

* * *

أزحْ عن صدرِكَ الزَّبدا
ونَهْنِهْ لاعِجا رَقَدا (7)

أعد للنبع سَلسَلَهُ
وزحزحْ آسناً رَكَدا

فغيرُك مَن إذا أكدى
ترضى الناسَ والبلدا (8)

تركتَ وراءَك الدنيا
وزُخرُفَها وما وَعَدا

وما منَّتْكَ مثقلةٌ
بما يُغريك أن تلدا

ورُحتَ وأنت ذو سعةٍ
تُجيع الأهلَ والوَلدا (9)

ظلِلتَ تصارعُ الأسدا
تريدُ المجدَ والصّفدا (10)

وتطمعُ تجمعُ القمرين
فخرُهُما أن انفردا (11)

ولولا ذا لما وُجدا
ولو وجدا لما افتُقدا

عجيب أمرُك الرجرا
ج لا جَنَفا، ولا صَدَدا (12)

تَضيق بعيشةٍ رغدٍ
وتهوى العيشةَ الرغدا

وترفِضُ مِنةً رَفَها
وتُبغِض بُلغةً صردا (13)


(1) وجد هنا: من الوجدة وهي الغضب.
(2) القصد جمع قصدة بالكسر وهي القطعة والكسرة.
(3) الشقشقة: ما يخرج من فم البعير إذا هاج. تجيش: تهيج وتغلي.
(4) الحرد: الغضبان.
(5) الأود: العوج. وقد وردت في الرابطة والجمهورية: الرصد.
(6) الزرد: الحلق التي تتألف منها الدرع.
(7) نهنه: ازجر، ونهنه لاعجا رقدا: امنعه أن يرقد. واللاعج: المحرق.
(8) أكدى: يقال: اكدى الرجل إذا قل خيره.
(9) ورحت وأنت ذو سعة: ورد في الرابطة والجمهورية: ورحت وعندك الدنيا.
(10) الصفد: العطاء، ويريد به هنا الثراء.
(11) القمران: الشمس و القمر.
(12) الجنف: الميل والجور، والصدد: الإعراض.
(13) المنة الرفه: العطاء الواسع، والبلغة الصرد: ما يتبلغ به من زاد قليل.

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء السادس-الجمهورية العراقية-وزارة الاعلام-دار الحرية للطباعة -بغداد 1977م