أزح عن صدرك الزبدا .

وآخر يشتِم الجمهو
رَ لف عليك واحتشدا (47)

ويُلغيه كأن له
بأن يُلغي الشموسَ يدا (48)

يَعُد الشعرَ أعذبَه
إذا لم يجتذبْ أحدا

وما غنى ملحنَه
وعيرَ الحي والوَتِدا (49)

* * *

وشعرٍ خيرِ ما وَصَفُوا
لحرانٍ إذا ابتردا (50)

كطعمِ الماء، تسمعه
كأنك تقضَمُ الجَمدا

تحضَّن ربَه هَمَلٌ
موكلةٌ بما كسَدا (51)

حفاة بئس ما حَذِيَتْ
اديماً خائساً سُرِدا (52)

ابا الوثبات ما تركت
لجُرْدِ الخيل مطَّردا

يَضِج " الرافدانِ " بها
ويحكي " النيلُ " عن " بردى "

ويهتِف مَشْرقُ الدنيا
بِمَغرِبها إذا قصدا (53)

ومن ستطول مدَّتُه
بما تتجاوزُ المُدَدا

عيونُ الشعر تضمنُها
عيونٌ تأنفُ الضَّمَدا (54)

ويأبى أن يجِفَ دمٌ
طَهور دمٍ به رُفِدا

ويا من أتعبَ الناس
وخفقَ البرق والبَردا

ترفَّعْ فوق هامهُمُ
وطِرْ عن أرضهم صُعُدا

ودرْ في بُرج كوكبة
تنورَ منك واتقدا

وكن كعِهادِ ماطرةٍ
سقى، ومضى كما عُهِدا (55)

ودعْ فُرسانَ " مطحنةٍ "
خَواءٍ تفرغ العدَدا (56)

ألم تر سيفَ " كيشوتٍ "
كسعفِ " النخلةِ " ارتعدا

ولا تحقِدْ فما خُلِقَتْ
يداك لرجمِ مَنْ حَقَدا

فلا ذَمّاً لمن جَحَدا
ولا حَمْداً لمن حَمِدا

* * *

وغافين ابْتَنَوا طُنُبا
ثوَوا في ظِله عَمَدا (57)

رضُوا بالعلم مرتفَقا
وبالآداب متَّسدا (58)

وجابوا عالم الفصحى
ولمُّوا منه ما شرَدا (59)

فهم إن عُمِّيَتْ سُبُلٌ
يرَوْن اللاحبَ النَّجَدا (60)

وهم لا يبسُطون يدا
تَمِيزُ الغَيَّ والرشدا

وهم يَرثُونَ من صَلحوا
وهم يخشَوْن من فَسَدا

يرَوْن الحق مهتضَماً
وقولَ الحق مضطهَدا

وأمَّ " الضاد " قد هُتِكَتْ
وربَ " الضاد " قد جُلِدا

ولا يُعْنَونَ، ما سلموا،
بأيةِ طعنة نُفِدا (61)

بهم عَوَزٌ إلى مَدَدٍ
وأنت تُريدهم مَدَدا ؟

* * *

أزحْ عن صدرِكَ الزَّبدا
ودعْهُ يبُثُّ ما وَجَدا

وقل : يا نفسُ لا تَردِي
على أعقابِ من وَرَدا

ويا غرراً محجلةً
سعيتُ بها لمن قَعَدا (62)

أثرتِ غُبارَ حَلْبتها
على صنمٍ فما عُبدا

خُذي مسعاكِ واستبقِي
مسافَ الشوطِ والأمَدا

وعاذِرة إذا عَثَرت
صواهلُ تَنشُدُ الجَدَدا (63)

وحسبك رَكْعةٌ عَرَضَتْ
وكم من راكع سجدا


(47) لُفّ عليك واحتشدا: في الجمهورية: دار عليك فانعقدا.
(48) ويلغيه: في الجمهورية: وينفيه. بأن يلغى: في الجمهورية: بأن ينفى.
(49) عير الحي والوتد: كناية عن أراذل الناس وأذلهم.
(50) ابترد، ابترد الماء: صبه عليه باردا أو شرب الماء ليبرد كبده.
(51) الهمل محركة: المهملون الذين لا خير فيهم.
(52) الأديم: الجلد. والخائس: الذي أروح وأنتن. وسرد: ثقب.
(53) البيت في الجمهورية:
ويرقص مشرق الدنيا = ومغربها إذا قصدا
وقصد: قال قصيدة.
(54) الضْمد بالسكون: الضماد وحرك للضرورة.
(55) العهاد: جمع عهدة وهي المطر المتواصل.
(56) الخواء: الخالية.
(57) الطُنُب بضمتين: في الأصل الحبل وكنى به عن البيت. العَمَد بفتحتين: اسم جمع للعمود.
(58) المرفق: ما يتكأ عليه بالمرفق، واتسدا: ما يتسد عليه.
(59) جابوا: قطعوا، ورجل جوّاب إذا كان قطاعا للبلاد سيارا فيها. وجابوا عالم الفصحى: أي صاروا علماء فيها لطول مصاحبتهم إياها وعكوفهم عليها.
(60) اللاحب: الواضح. والنجد: المرتفع من الأرض والواضح لارتفاعها.
(61) تفِدَ: اخترق أي طعن.
(62) الغرر المحجلة: هي قصائده.
(63) الجَدَد بفتحتين: الطريق المستوية المسلوكة.