وفي الكوفة الحمراء جاشت مراجل
![]() من الموت لم تهدأ وهاجت زعازع
![]() أديرت كؤوس من دماء بريئة
![]() عليها من الدمع المذال فواقع
![]() هم أنكأوا قرحا فأعيت أساته
![]() وهم اوسعوا خرقا فأعوز راقع
![]() بكل مشب للوغى يهتدى به
![]() كما لاح نجم في الدجنة ساطع
![]() * * *
![]() ومما دهاني والقلوب ذواهل
![]() هناك وطير الموت جاث وواقع
![]() وقد سدت الأفق العجاجة والتقت
![]() جحافل يحدوها الردى وقطائع
![]() وقد بح صوت الحق فيها فلم يكن
![]() ليسمع ، إلا ما تقول المدافع
![]() كمي مشى بين الكمات وحوله
![]() نجوم بليل من عجاج طوالع (1)
![]() يعلمهم فوز الأماني ولم تكن
![]() لتجهله لكن ليزداد طامع
![]() وما كان حب الثورة اقتاد جمعهم
![]() إلى الموت لولا أن تخيب الذرائع
![]() هم استسلموا للموت ، والموت جارف
![]() وهم عرضوا للسيف ، والسيف قاطع
![]() * * *
![]() بباخرة فيها الحديد معاقل
![]() تقيها وأشباح المنايا مدارع (2)
![]() وإن أنس لا أنس " الفرات " وموقفا
![]() به مثلت ظلم النفوس الفظائع
![]() غداة تجلى الموت في غير زية
![]() وليس كراء في التهيب سامع
![]() تسير وألحاظ البروق شواخص
![]() إليها وأمواج البحار توابع
![]() تراها بيوم السلم في الحسن جنة
![]() بها زخرفت للناظرين البدائع
![]() على أنها والغدر ملء ضلوعها
![]() على النار منها قد طوين الأضالع
![]() مدرعة الأطراف تحمي حصونها
![]() كمأة بطيات الحديد دوارع
![]() * * *
![]() ألا لا تشل كف رمتها بثاقب
![]() حشتة المنايا فهو بالموت ناقع
![]() من اللآء لا يعرفن للروح قيمة
![]() سواء لديها شيب ورضائع
![]() فواتك كم ميلن من قدر معجب
![]() كما ميل الخد المصعر صافع
![]() أتتها فلم تمنع رداها حصونها
![]() وليس من الموت المحتم دافع
![]() هنالك لو شاهدتها حين نكست
![]() كما خر يهوي للعبادة راكع
![]() هوت فهوى حسن وظلم تمازجا
![]() بها وانطوى مرأى مروع ورائع
![]() فان ذهبت طي الرياح جهودنا
![]() فعرضك يا أبناء يعرب ناصع
![]() ثبت وحسب المرء فخراً ثباته
![]() "كما ثبتت في الراحتين الأصابع"
![]() |
(1) الكمي المفرد هنا يتضمن رمزاً عاماً للكماة الوطنيين من الثوار ، ويريد الشاعر كل كمي منهم وكل شجاع وكل قائد منهم ونص في طبعة سابقة على أن الكمي هو “عبدالواحد الحاج سكر” .
(2)هي الباخرة التي رست في الكوفة أبان الثورة مقاومة للثوار هناك وكانت على أعظم أهبة واستعداد وقد أضرت ما شاءت بالأهالي وكان آخر أمرها على يد الثوار المدفعيين الذين نسفوها بالقذائف .