* تلقى الشاعر، وهو في براغ، دعوة من لجنة الاحتفال بالذكرى الأولى لوفاة جمال عبد الناصر فنظم هذه القصيدة وألقاها في الاحتفال ( بالقاهرة ) سنة 1971.
* نشرتها " الأهرام " في عددها الخاص.
أَكْبَرْتُ يومَك أن يكونَ رثاءَ
الخالدون عهِدتُهم أحياءَ
أوَ يرزقون ؟ أجل، وهذا رزقُهم
صِنوُ الخلودِ وجاهةً وعطاءَ (1)
قالوا: الحياةُ ، فقلت: دَيْنٌ يُقتضى
والموتُ قيل ، فقلت: كان وفاءَ
يا قائدَ الجيش الشهيد أَمضّهُ
شوقٌ فزار جنودَه الشهداءَ
أكبرتُ يومك أن يكون رثاءَ
أجعلتَ منه موعداً ولقاءَ ؟
أَبِرَفْرَفِ الخلد استفزّك طائفٌ
لتسامرَ الخُلْصانَ والخلطاءَ ؟ (2)
أم رُمتَ جمعَ الشملِ بعد تفرقٍ ؟
أم أن تُثيرَ كعهدك الشعراءَ ؟
يا ايها النَّسرُ المحلِّقُ يتقى
فيما يميلُ عواصفاً هوجاءَ
ينقضّ عجلاناً فيفلِتُ صيدُهُ
ويصيدُه إذ يُحسن الإِبطاءَ
أُثني عليك، وما الثناء عبادة
كم أفسد المتعبدون ثناءَ
دِيَةُ الرجال إساءتان؛ مقلِّلٌ
وأساء، جنبَ مكثّر وأساءَ
لا يعصِمُ المجدُ الرجالَ، وإنما
كان العظيمُ المجد والأخطاءَ
وإذا النُّفوس ترفَّعت لم تفتكرْ
لا الانتقاص بها ولا الاطراءَ
لا يأبهُ البحرُ الخضمُّ روافداً
يلقى، ولا زَبَداً يَطير غُثاء (3)
لم يخلُ غابٌ لم يحاسَبْ عنده
أسدٌ، بما يأتي صباحَ مساءَ
تحصى عليه العاثرات، وحسبه
ما فات من وَثَباته الإحصاءَ
قد كنتَ شاخصَ أمّةٍ . نسماتِها
وهجيرَها، والصبحَ والإِمساءَ (4)
ألقتْ عليك غياضَها، ومروجَها
واستودعتْكَ الرملَ والصحراءَ (5)
كنتَ ابنَ أرضِكَ من صميم ترابها
تُعطى الثمارَ، ولم تكن عنقاءَ (6)
تتحضّن السرّاء من أطباعها
وتلُمّ رغم طباعك الضرّاءَ (7)
|
|
ملاحظة :
لقراءة بقية القصيدة الرجاء مراجعة قسم ديوان الجواهري (قصائد السبعينات).
(1) صنو: قرين، مثيل، هو والخلود مثلان.
(2) الرفرف: ما تهدل من أغصان الشجر.
الخلصان: الذين تخلص مودتهم، يستوي فيه الواحد والجماعة.
الخلطاء: جمع خليط وهو العشير.
(3) الغثاء: الزبد وما يحمله السيل من فضلة.
(4) شاخص الأمة: نصبها ورمزها العالي.
(5) غياض: جمع غيضة وهي ماء يجتمع فينبت فيه الشجر.
(6) العنقاء: طائر خرافي معروف الاسم مجهول الاسم.
(7) أطباعها: أطباع الأرض.
المصدر : ديوان الجواهري-الجزء السادس-الجمهورية العراقية-وزارة الاعلام-دار الحرية للطباعة -بغداد 1977م