وجِئتُ الساحرَ الفنانَ منه
لعلّي أقبِس السِّحرَ الحلالا
أكاد أَعُبّ ماءَ البحر مِلْحاً
وأَنشَقُ في شواطئِه الرِّمالا
وأَبسُط راحتَيَّ خيالَ شعر
كأن يديَّ تحتضن الجبالا
فيا وَيْحي من الحبِّ المُعنِّي
برِمْتُ به فراغاً وانشغالا
تَقَنَّصَني الجمالُ بها وعلمي
بأني جئتُ أقتنِصُ الخيالا
لَعَنْتُ الحسنَ تُورِثُني رؤاوهُ
خبالين: القريحةَ والخبالا
وتمنحُني الشقاوةَ في نعيمٍ
وربة نعمةٍ عادت وَبالا (10)
ويُطلِعُ لي الدمُ الفوّارُ منه
جِنانَ الخلد تضطرمُ اشتعالا
أقول وقد خَبَرْتُ وذُقت طَعْماً
جمالات الدُّنا حالاً فحالا (11)
كذاك، كذاك، فليُحْرَزْ سوياً
جمالُ المغربية أو فلالا
نزا صدرٌ بنهدينِ استقلا
كأنهما يُريدانِ انتقالا
ونطَّ خلافَ وِجهتِهِ رُدَيْفٌ
كأروع ما احتوى قمرٌ هلالا (12)
وضُويِقَ فاستدقَّ، ورقَ خَصْرٌ
كأن عليه أعباءاً ثقالا
ورنّح كلُّ ذاك غُصينَ دَوْح
لوى ثقلُ الثمارِ به فمالا (13)
* * *
سلام الله يا " طَنج " يُغادي
ربوعَك موطناً، وذويكِ آلا (14)
وحيَّت ملتقَى البحرين كأسٌ
تصب هناك من كأس ثُمالا (15)
يُزيحُ ظِلالَه وَضَحٌ فَتُلْقي
تعاريجُ السُّفوحِ له ظِلالا
وتنتزعُ الشموسُ له جمالاً
فتخترعُ الغُيوم له جمالا
وتصطفِقُ النُّجومُ مُشَعْشَعاتٍ
بأسرجة حِفافِيه تلالا (16)
وتُرقصُهُ المسابحُ ناشراتٍ
عليها الغيدُ أسراباً عِجالا
كعَومِ البط أجنحةٌ تلاقى
بأجنحةٍ، وأعناقٌ تعالى (17)
|
(10) الوبال: النقمة، الشدة.
(11) الدُّنا: جمع الدنيا.
(12) رُديف: مصغر ردف.
(13) دوح: شجر.
(14) طنج: مدينة طنجة في المغرب. الآل: الأهل.
(15) الثمال: جمع ثمالة، وهي البقية من الخمر في الكأس.
(16) حفافيه تلالا: تتلألأ في حفافيه أي في جوانبه، والضمير للوطن.
(17) تلاقى، تعالى: تتلاقى، تتعالى.