إلى وفود المشرقين تحية .

* ألقاها في المؤتمر التضامني مع شعب الخليج الذي أقامته منظمة تضامن الشعوب الآسيوية والأفريقية في قاعة جمعية الاقتصاديين العراقيين صباح يوم 28 آذار 1974.
* نشرت في جريدة الجمهورية العدد 1980 في 30 آذار 1974.

حَلَلْتُم مثلما حلّ السحابُ
وطِبتُمْ مثلما طاب الشبابُ

وكنتم دعوةً في كل صدرٍ
عراقي وها هي تُسْتَجاب

وفودَ المشرقينِ وقد تناءتْ
بنا دارٌ، وطال بنا اغتراب

حنانَيْكُمْ، فهذي الدارُ مِنْكُمْ
ونحن الأهلُ فيكمْ والصِّحاب

نُسَرُّ بقربكمْ، ونُساءُ بُعْدا
كأنكمُ المثوبةُ والعِقاب

قِفوا مَعَنا نقِفْ معكم، وَيَشْمَخْ
بنا في حُسنِ منطلَقٍ مآب

ونُنْشَرُ كالضياءِ معاً، ونُطوى
كما يُطوى على الروح الإهاب (1)

* * *

حللتم والربيعُ، ومنجزاتٌ
بكم وبِهِنَّ يجمعنا نِصاب (2)

مضى عهد يُذَمُّ به الشبابُ
ويُحسد فيه من شاخوا، وشابوا

وأُبدِل عنه عهداً ودَّ فيه
رِفاقُ الشيب: لو عاد الشباب

وجئتم، والعراقُ يشق درباً
يُحال إلى الجِنان به التراب

ويعلوه الغُبارُ وأيُّ فخر
لمسعىً لا تتوجُهُ الصِّعاب

أقول لخيّرينَ وقد تلاقى
عليهم من شرور الغابِ غاب

ولفَّهُمُ العَجاجُ كما تحدّى
رفيفَ الروضةِ القَفْرُ اليباب

صموداً مثلما صَمَدَتْ وطالت
على الإعصار أدواحٌ صلاب (3)

وصبراً ثم تنكشف البلايا
كنُور الشمس يعبُرُهُ الضَّباب

ويفتحُ للمصابِر ألفَ باب
إذا ما سُد في الأزَمَات باب

نضِجْتُمْ في الصميم من الدواهي
فأنتم من خميرتها لباب

وأنتم إذ يحِر الخطبُ أدرى
بما يُصفى له وبما يراب (4)

تَضِيقُ بِمُتعَبِينَ رؤى المنايا
وتحضُنُهن أفئدةٌ رِحاب

وسُوح المجد تعمرُها الضحايا
وتزحَمُ فوقَها الهامَ الرقاب


(1) الإهاب: الجلد.
(2) نصاب: أصل.
(3) الأدواح: جمع دوح وهو عظام الشجر.
(4) يحِر: يشتد حرُه، ومعنى البيت: أنكم أدرى بما تجابه بها الخطوب من مصارحة وما يدس، وهناك ما يصرح ويفهمه الناس، وهناك ما يبيت ويدبر في الخفاء وبتمويه وتغطية.

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء السادس-الجمهورية العراقية-وزارة الاعلام-دار الحرية للطباعة -بغداد 1977م