إلى وفود المشرقين تحية .

وفودَ الشرقِ إن الشعرَ وجهٌ
طليقٌ، لا يَليقُ به النِّقاب

به من نسمةِ الإصباح عِطرٌ
ومن سَحَرٍ، ومن شَفَقٍ خِضاب

على السجع الرتيب ترِفُ دنيا
مسجعةٌ أغانيها رِتاب

وبين فواصلِ منه جِراحٌ
وآفاقٌ، وأَطماحٌ رغاب (5)

ويخفقُ في مقاطعِهِ ضميرٌ
جريءٌ، لا يلينُ، ولا يَهاب

وفودَ الشرق إن الداء فينا
ونحن الملزَمونَ بما نُصاب

غُزينا عَنوةً في عُقر دار
عفاءٍ، كلُّ ما فيها يَباب

وأعرافٌ مُرِثّاتٌ قِباحٌ
رَزاحٌ فرطَ ما امتُطِيت، لِغاب (7)

تَعَبَّدُنا ولم يخفُقْ علينا
بها وحيٌ، ولم ينزِلْ كتاب

فنُورُ الفكر يحجُبُهُ احتجازٌ
ونور الشمس يحجِزه حجاب

ومجتمعٌ يُشَلّ النصفُ منه
ويُعفى النصف . مجتمعٌ خراب

وَنصَّبْنا صدورا عاريات
إلى المستعمرين وهم حِراب

ورُحنا يستُر العوراتِ منا
نسيجُ الحق في دَغَل يشاب (8)

نُعرِّيهمْ ونَحسبُ أن كُسينا
بعُرْيتهمْ . وضوعفت الثياب

نحملُ سمَ " عقربةَ " الذنابى
ولولاها لما كان الذِّناب (9)

* * *

وفودَ المشرقين وعن ضلال
يُثاب ، وعن مَساءات يُتاب

لنا ظُفْرٌ على جُرحٍ دَوِيٍ
وللمستعمرينَ عليه ناب (10)

بلاءُ الشرقِ أصنامٌ تُسمّى
سيوفَ الله يحرسها " الكتاب "

عفت شَفَراتُهن فهمْ كَهامٌ
صديءُ الحد، زُخْرُفُه القُراب (11)

لهم فصلُ الخطاب بحدِ سيفٍ
وليس لمبتلٍ بِهِمُ خِطاب


(5) رغاب: واسعة.
(6) عفاء: عافية اي خربة.
(7) الأعراف: جمع عرف، وهي التقاليد. مرثات: بالية، عتيقة. رزاح: رازحة، والرازحة: الساقطة إعياء أو هزالا، لِغاب: جمع لاغب على القياس، شديدة الإعياء.
(8) دغل: غش وفساد، يشاب: يخلط.
(9) الذناب: عقب كل شيء ومؤخره. تحمل الذنابى سم العقرب ولولا العقرب لما كان الذنابى أي لولا المستعمر لما كان الأذناب.
(10) دوي: موبوء، عميق، أي نحن شركاء في المسؤولية. لنا ظفر على جروحنا، وللمتسعمرين عليه ناب، فليس المستعمر المسؤول الوحيد.
(11) كهام: كليل لا يقطع.