إلى وفود المشرقين تحية .

يُراوحُ بينَ كفَّينا عِنانٌ
ويجمعُ بين رِجْلَيْنا رِكاب

رَضاعُ أخوّة عِشنا عليه
يمازج دَرَّهُ عسلٌ وصاب (29)

يرِن صدى المناحةِ في بطاحٍ
من " الأهوار " ما ناحت " هِضاب "

أفالآنَ النكوصُ وقد توشّى
ربيعُ الأرض، واخضر الْجَناب

ولوَّحَ فجرُ آذارٍ وجلّى
به لبيان ( آذارٍ ) شِهاب (30)

ولاح غدٌ سهِرناه طُيوفاً
تُدَغْدِغُهَنَّ أحلام عِذاب

نَشَدْتكُمُ القرابةَ والضحايا
وما شدَّ العُرى مِنّا كِتاب (31)

وما غَنَّتْ لكُمْ منا قوافٍ
يرقرقُ نَسْجَها دمعٌ مذاب

وما ضمَّ الثرى إلا حَقَنْتُمْ
دماً يُشجِي المصيبَ به المصاب (32)

دَعُوْنا نحتكمْ بعضٌ لبعضٍ
فللجُرْفينِ يَحْتَكِمُ العُباب (33)

فإن وراءنا ذئبا خبيثاً
يحاول أن يكون له الغِلاب

سينهَشُ منكم كَتِفاً، ومنّا
وما يبقى ستَنْهَشُه ذئاب

* * *

ويا فرسان معتركٍ وسَلْم
ورهطَ محبةٍ طابت وطابوا

سيخلُفُ عن وَداعِكُمُ لقاءٌ
ويثأرُ من ذَهابكم الإياب

سيبقى الرافدان مصبَّ خمر
يساقيكم، و ( خابور ) و ( زابُ )

نُساقيكم وأكؤسُنا قلوبٌ
وذوبُ عواطفٍ فيها شَراب

حللتم مثلمَا حل السَّحابُ

وطِبْتُم مثلَما طابَ الشبابُ


(29) صاب: أشجار مرة.
(30) إشارة إلى بيان الحادي عشر من آذار الذي أحل السلام في الشمال.
(31) العُرى: جمع عروة وهي الحَلْقة.
(32) حقن الدم: حفظه وحال دون سفكه.
(33) العباب: الموج.