إلى وفود المشرقين تحية .

ويكتنزون من سُحت حراءٍ
وحولَهم ملايينٌ سِغاب (12)

وكان التمرُ نعبُدُهُ إلهاً
يُساغُ به طعامٌ أو شراب (13)

فليت لنا بِهِمْ شِبَعاً ورِيّاً
ومما زاد تمتلئُ العِياب (14)

لقد شِبنا وشبَّ بنو بنينا
وما شبَّ البقيعُ ولا السراب (15)

ولا شَلَّتْ حلاقيمٌ رِطابٌ
تجولُ بِهِنَّ أَلسنةٌ كِذاب (16)

تساقَطُ ما تشاءُ ولا تبالي
على ما لاَ يعاب بما يُعاب

وقالوا أَوْثَقَ الخَصْمانِ ضَرْعَا
وشدّا منه، وامتلأ الوطاب (17)

وعاد النفطُ يُحلَبُ من جديدٍ
ولا " عنزٌ " تُدِر، ولا احتلاب

فقلت أجل: بناتُ الدهر مِنّا
ومنها نحن، والدنيا عُجاب

تعالى الصلحُ !! أفئدةٌ تلاقى
بأفئدةٍ، ففيم الاحتراب ؟ (18)

وفيمَ الضَيْرُ أن يغشى حِوارٌ
مناجاةَ الأحبة، أو عتاب ؟ (19)

وفيم الحربُ، والأحقادُ شؤمٌ
وتصطلحُ الحمامةُ والغُراب ؟

وتصطلُح " الضرائرُ " من قديم
كذلك كن " زينبُ " و " الرَّباب "

وَهَبْنا نستديرُ كما استدارت
على الأُمّات أفرخةٌ زِغاب (20)

تعالى الصلح في " التَلْمود " منه
أعد لكل مسألة جواب (21)

عراةٌ في الخِيام لهم سَماءٌ
وأرضٌ، واصطبارٌ، وارتقاب

وهبْ طال العذابُ فليس شيءٌ
بباقٍ، لا النعيمُ، ولا العذاب

وما يدعى " فلسطينا " مَراحٌ
متى شئنا، وشاءت مستطاب

وهل هي غيرُ أرضٍ واستُبِيحَتْ ؟
فأرضُ الله واسعةٌ نِهاب

وبيت القدس ليس سوى مزارٍ
يُرادُ الأجرُ فيه، والثّواب !

وهل " سيناءُ " غيرُ مهيلِ رملٍ
تَعِيثُ بهِ الأفاعي والذئاب ؟

وفي الجَوْلانِ من دمِ كل حرٍّ
يباع ويشترى مسكٌ مَلاب (22)


(12) سحت: المكسب الخبيث. سغاب: جياع.
(13) يساغ: يلذ.
(14) العياب: جمع عيبة وهي الحقيبة.
(15) البقيع: الموضع ( المكان ).
(16) حلاقيم: جمع حلقوم وهو الحلق.
(17) الوطاب: جمع وطب وهو السقاء.
(18) الاحتراب: التحارب.
(19) الضير: الضرر.
(20) زغاب: جمع زغيب وهو الفرخ قبل أن يكسوه الريش.
(21) التلمود: شرح للتوراة.
(22) ملاب: عِطْر.