وفى الربيع .

وفى الربيع ..
* نظمت عام 1343هـ /1924م.
* يهنيء بها صديقه السيد محمد علي العّلاق بزواجه .

غَدرَ الصِبا وَوَفى الربيعُ لريفِه
شتانَ بين أليفنا وأليفِه

عادت لتفويفِ الصبا أزهارهُ
أترى صبايَ يعود في تفويفه

سقياً لشرقيِّ الرُصافة اذ صَفَا
عيشٌ بمرتَبَع الهَوى ومَصيفه

من سفح دجلةَ حين رق نسيمهُ
سَحَراً وراقت دانيات قُطوفه

أحبابَنا في الكرخ هل من زورةٍ
لنَحيل جسم بالفراق نحيفه

أهوَى لأجلكُمُ العراقَ فمُنيتي
في قُربكم لاخصبِه أو ريفه

لي فيكُمُ قَمرٌ يُهيُّجني له
ان البِعادَ يَروعُنى بخُسوفه

ومسجفٌ لو لم يُحَجَّبْ كانَ مِن
زفراتِ أنفاسي بمثل سُجوفه (1)

متنقلُ الأوفياء شْيَّعَ ركبَه
نَفسَي يُناطُ بسَيره ووُقوفه

يَلوي الوعودَ فلا تُزَرُّ جيوبهُ
إلاّ على نزْرِ الوفاء ضعيفه

ما الطيرُ حامَ على الغدير فراعَه
وحشٌ فظَّل يحوطهُ برفيفه

ظمآنَ لاوِردٌ سواه فَينثنى
عنه ولا يسطيع خوض مَخوفه

يوماً باولعَ من فؤادي إذ نأوا
عنه بمجدولِ القَوام رهيفه

لا تُنكروا قلبي الخَفوقَ فانما
هي مهجةٌ قد عُلِّقت بشُفوفه (2)

ما هاجَ قلبَ الصبِّ الا الصدغُ في
تشويشَه والشَعرُ في تصفيفه

أرَّقْتَ طَرْفاً لم تَرِقَّ لقَرحه
وأخَفْتَ قلباً لم تُرَع لحفيفه

الله يشهدُ أنني القىَ الهوى
بلسانِ فاسقِه وقلبِ عفيفه

اني وإن كانَ التصابي هفوةً
مني وكم ساع لجلبِ حُتوفه

لأحِنُّ للعهد القديم صبابةً
كحنين إلفٍ نازحٍ لأليفه

ولئن سلوتُ ففي التهاني سلوةٌ
"بمحمد" صَفْوِ الندى وحليفه

يابن "الحسينِ" وانت تخلُف ذكرَه
أكرمْ بمخلوف مضى وخليفه

سرَّت ثراه بروقُ عرسِك فاغتدت
عنه وذكر هناكَ أُنسُ مخوفه


(1) مسجف : مستر ، السجف : الستر .
(2) شفوف : جمع شف بفتح الشين المشدد وكسرة وهو من رق الثياب ومن النسيج .

المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الأول-وزارة الاعلام العراقية/مديرية الثقافة العامة-مطبعة الأديب البغدادية 1973م