يا أبا ناظمٍ سلاماً على البُعد
![]() وصرفُ الخطوبِ يُقصي ويُدني
![]() وسلاماً على رفاقك في الشو
![]() طِ المجلَّي من كل نِدٍّ وقرن
![]() يا أبا ناظمٍ ونحن حُداةُ
![]() الجيلِ نَهديه دربَه ونغنّي
![]() شركاءٌ في غايةٍ نبتدي الرحلةَ
![]() ندري أهوالَها ونثنّي
![]() يا أبا ناظمٍ ونحن مِجَنٌّ
![]() يومَ يُبغى درعٌ، وأيُّ مِجن
![]() فوقَه من ثقوبِ رُمحٍ ورُمحٍ
![]() بالغُ الجُرحِ من ضِراب وطعن
![]() نحن إذ تُشترَى اللذاذاتُ سَوماً
![]() بدم القلب نشتري ما يُعنِّي (13)
![]() نهدمُ الدهرَ ما ابتناهُ طغاةٌ
![]() ونعاني ما يَهدمون فنبني
![]() نحنُ إن غُمَّتِ الخطوبُ أشعنا
![]() في دجىً مؤيسٍ شموعَ التمنّي
![]() يا أبا ناظم ونحن أرقُّ الناسِ
![]() طبعاً ونحن عُبَّادُ فنّ
![]() نحن مما نسيلُ في كلِّ نفسٍ
![]() كمِدَبِّ النُعاسِ من كلِّ جَفن
![]() عجبٌ أن نُسامَ خسفاً، وأن
![]() نُجفَى، وأن نُباع بغَبْن
![]() عجبٌ أن نُطيقَ حكْمَ التجنِّي
![]() ونعاني تحكَّم المتجني
![]() * * *
![]() يا أبا ناظمٍ ورُبَّةَ رَهنٍ
![]() فيه لو يُفتدى فَكاكٌ لرهن
![]() حرمتنا الحياةَ جذوةُ وعيٍ
![]() وتلظِّي قلبٍ، وإيماضُ ذِهن
![]() هنَّ هنَّ الحياةُ لولا نظامٌ
![]() لِسوى الغابِ مُوحشاً لم يُسَنّ
![]() غايةَ الجهد أن يكلَّفَ حرٌ
![]() بعبوديَّةٍ تُسَنُّ لِقِنّ (14)
![]() يا أبا ناظمٍ وكم فكرةٍ عنَّتْ
![]() فجاءت بفكرةٍ لم تَعِنّ
![]() أنا ذا – مَن عَهِدتَ – حرٌ صريحُ
![]() القول، ألقي بما لديَّ وأعني
![]() لا مُداجٍ، ولا مُسرٌّ بحسوٍ
![]() في ارتغاءٍ ولا أُحبُّ التكنّي (15)
![]() لا أُبالي ما حاكَ نَولٌ عليه
![]() أو بما طرَّزت شروحٌ لمَتْن (16)
![]() يا أبا ناظمٍ وشَفْعٌ تدنِّي
![]() كلِّ عالٍ برفعة المتدني
![]() نضَب الصبرُ يابن بحرِ علومٍ
![]() صَخِبِ الموجِ بالفخار مُرنّ
![]() أشداةٌ مشرَّدون بلا وَكْنٍ
![]() وخُرْسُ الطيورِ تأوي لوَكْن (17)
![]() أفنحن المزعزعونَ عن التُر
![]() بةِ تُسقى دماءَنا كلَّ قَرن ؟
![]() بضحايا تَطيحُ في كلِّ دربٍ
![]() وقبورٍ تصيح في كلِّ رُكن
![]() أفنحن المظعنُّونَ عن الربعِ
![]() ونحن الحُماةُ فيه لظَعن ؟ (18)
![]() أفنحن الذينَ يرتفعُ السو
![]() طُ عليهم بِظنَةِ المُتظني ؟ (19)
![]() سوطُ من ؟ سوطُ كلَّ عِلجٍ عليفٍ
![]() دَنِس الأصل والمنابت عَفن
![]() أبنو أمسِكَ القريبِ يُطيحو
![]() ن بصُبَّابةِ الفَخارِ المُسنّ ؟ (20)
![]() لم تلدهم خيرُ البطونِ، ولا
![]() مثلك شَبُّوا بخير حجرٍ وحِضن
![]() * * *
![]() يا أخا الشعب في الرخاء وفي الشدَّةِ
![]() منه، وفي سرورٍ وحُزن
![]() طيلةَ العمر ما انفككتَ على
![]() فقرك تعطيه ما يَرُبُّ ويُغني
![]() كرم الشعب غيرَ فرطِ لصوق
![]() بالرزيا لُصوقَ خمرٍ بدنّ
![]() كلّما أنَّ خدَّروه وقد يثقل
![]() داءُ المريضِ ما لم يَئنّ
![]() أفمنه المجنَّدون، ومنهم
![]() كلُّ دِرءٍ يومَ الحِفاظ وحصن
![]() ومدى الدهرِ وهو نُهزةُ تاجٍ
![]() لعقيدٍ غاوٍ، ونجمةِ ركن
![]() * * *
![]() يا أبا ناظمٍ وسجنكَ سَجني
![]() وضني بي للوعةٍ بكَ تُضني
![]() يخِزُ النفسَ أنَّني غيرُ كفءٍ
![]() لأردَّ الخطوبَ عنكَ وعني
![]() يابن ودِّي وما بعيدٌ رهينُ السجنِ
![]() عن رهنِ غُربَة مُستمَن
![]() غَيْرَ أنَّ الظروفَ يُبدين فرقاً
![]() ربَّ قُبحٍ يَعود مرآةَ حُسن
![]() يا أبا ناظمٍ وإنْ تُنْبَ عنِّي
![]() فبنُعمى خصمي، وغُمَّةِ خدني
![]() ضحكةٌ مرةٌ تكشرُّ سنِّي
![]() ومسيحٌ من دمعةٍ فوقَ رُدني (21)
![]() يُعصر القلبُ تحتَ ضغطِ همومٍ
![]() ضارياتٍ عُقفِ المَخالبُ حجن (22)
![]() يا أبا ناظمٍ: وربَّ شُجاعٍ
![]() أوردته الحتوفَ وصمةُ جُبن
![]() أنا ذا أطلبُ الحِمامَ بنفسٍ
![]() لم أخنها، وعزمةٍ لم تخُني
![]() لا لشيء إلا لأنَّ المنايا
![]() في مَصَكِّ الرجالِ أعرضنَ عني
![]() حُطِّمتْ آهةٌ على حدِّ أخرى
![]() وعلى حدها تَحطَّمَ لحني
![]() فإذا ما استعدُته فلأني
![]() واجدٌ فيك باعثاً للتغني
![]() يا أبا ناظمٍ وسجنُك سجني
![]() وأنا منك مثلما أنت مني
![]() |
(13) يُعنّي: يُتعب ويضرُّ.
(14) القنّ: العيد.
(15) في البيت إشارة إلى المثل: ” يسر حسواً في ارتغاء ” يضرب لمن يظهر أمراً وهو يريد غيره.
والحسو: شرب الطائر الماء. وارتغى: أخذ الرغوة. والرغوة: الزبدة.
(16) النول: آلة النسج.
(17) الوكن: عش الطير.
(18) المظعنون: المبعدون والمهجرون.
(19) المتظني: يريد به الشاك.
(20) الصبابة: الأصل، صميم.
(21) المسيح: اسم المفعول من ساح أي أسائل.
(22) الحجن: جمع أحجن وهو الأعوج.
الصفحات: 1 2