ناجيت قبرك .

مُدي إليَّ يَداً تُمْدَدْ إليكِ  يَدُ
لا بُدَّ في العيشِ أو في الموتِ نَتَّحِدُ

كُنَّا كشِقَّيْنِ وافى واحِدا ً قَدَرٌ
وأمرُ  ثانيهما مِن أمرهِ صَدَدُ

ناجيتُ قَبْرَكِ أستوحي غياهِبَهُ
عنْ حالِ ضَيْفٍ عليه مُعْجَلاً يَفِدُ (1)

وردَّدَتْ قَفْرَة ٌفي القلب ِقاحِلة ٌ
صَدى الذي يَبتغي وِرْدَاً فلا يَجِدُ

ولفَّني شَبَحٌ ماكانَ أشبهَهُ
بِجَعْدِ شَعْرِكِ حولَ الوجهِ يَنْعَقِدُ

ألقيتُ رأسيَ في طَّياتِهِ فَزِعَاً
نَظِير صُنْعيَ إذ آسى وأُفْتَأدُ

أيّامَ إنْ ضاقَ صدري أستريحُ إلى
صَدْرٍ هو الدهرُ ما وفّى وما يَعِدُ

لا يُوحِشُ اللهُ رَبْعَاً تَنْزِلينَ بهِ
أظُنُّ قبرَكِ رَوْضَاً نورُهُ يَقِدُ

وأنَّ رَوْحَكِ رُوحٌ تأنَسِينَ بها
إذا تململَ مَيْتٌ رُوحُهُ نَكَدُ (2)

كُنَّا  كنَبْتَةِ  رَيْحَانٍ تَخَطَّمَها
صِرٌّ فأوراقُها  مَنْزُوعَة ٌ بَدَدُ (3)

غَطَّى جناحاكِ أطفالي فكُنْتِ لَهُمْ
َغْرَاً إذا استيقظوا ,عَيْنَاً إذا رَقَدوا

* * *

شَتَّى حقوقٍ لها ضاقَ الوفاءُ بها
فهل يكونُ وفاءً أنّني كَمِدُ

لم يَلْقَ في قلبِها غِلٌّ ولا دَنَسٌ
لهُ مَحلاً ، ولا خُبْثٌ ولا حَسَدُ

ولم تَكُنْ ضرَّةً غَيْرَى لجارتِها
تُلوى لخيرٍ يُواتيها وتُضْطَهَدُ

ولا تَذِلُّ لِخَطْبٍ حُمَّ نازِلُهُ
ولا يُصَعِّرُ منها المالُ والوَلَدُ


(1) القطعة كلها تشير إلى وقفة حزينة وقفها الشاعر على قبر عقيلته في النجف ساعة وصوله إليها من بيروت .
و إلى ما طاف به من أشباح الذكريات وخيالاتها .
(2) الروح : بمعنى الراحة والاطمئنان .
الصر : الريح الشديد و الباردة . وتخطمها : كسرها .