ناجيت قبرك .

قالوا أتى البرقُ عَجلاناً فقلتُ لهمْ
واللهِ لوكانَ خيرٌ أبْطَأَتْ بُرُدُ

ضاقتْ مرابِعُ لُبنان بما رَحُبَتْ
عليَّ والتفَّتِ الآكامُ والنُجُدُ

تلكَ التي رَقَصَتْ للعينِ بَهْجَتُها
أيامَ كُنّا وكانتْ عِيشَةٌ رَغَدُ

سوداءُ تَنْفُخُ عن ذكرى تُحَرِّقُني
حتَّى كأنّي على رَيْعَانِهَا حَرِدُ (1)

واللهِ لم يَحْلُ لي مَغْدَىً ومُنْتَقَلٌ
لما نُعِيتِ ولاشخصٌ ولا بَلَدُ

أين المَفَرُّ وما فيها يُطَارِدُني
والذكرياتُ ، طَرِيَّاً عُودُها، جُدُدُ

أألظلالُ التي كانَتْ تُفَيِّئُنَا
أمِ  الهِضَابُ أمِ الماءُ الذي نَرِدُ

أمْ أنتِ ماثِلَة ٌ؟ مِن ثَمَّ مُطَّرَحٌ
لنا ومِنْ  ثَمَّ مُرْتَاحٌ ومُتَّسَدُ

سُرْعَانَ ما حالَتِ الرؤيا وما اختلفتْ
رُؤَىً , ولا طالَ- إلا ساعة ً- أَمَدُ

مَرَرْتُ بالحَوْر ِوالأعراسُ تملأهُ
وعُدْتُ وهو كمَثْوَى الجانِّ ِيَرْتَعِدُ

مُنَىً – وأتْعِسْ بها- أن لا يكونَ على
توديعِهَا وهي في تابوتِها رَصَدُ

لعلنِي قَارِئٌ في حُرِّ صَفْحَتِهَا
أيَّ العواطِفِ والأهواءِ تَحْتَشِدُ

وسَامِعٌ لَفْظَةً منها تُقَرِّظُني
أمْ  أنَّهَا – ومعاذَ اللهِ –  تَنْتَقِدُ

ولاقِطٌ نَظْرَةً عَجْلَى يكونُ  بها
لي في الحَيَاةِ وما أَلْقَى بِهَا ، سَنَدُ


(1) حرد : غضب .